كتاب منهاج السنة النبوية (اسم الجزء: 1)
حَقًّا فَقَدْ قَالَهُ بَعْضُهُمْ، وَإِنْ كَانَ الْحَقُّ هُوَ نَقِيضَهُ فَقَدْ قَالَ بَعْضُهُمْ ذَلِكَ. فَعَلَى التَّقْدِيرَيْنِ لَمْ يَخْرُجِ الْحَقُّ عَنْ أَهْلِ السُّنَّةِ.
[قول الراوندية بالنص على خلافة العباس]
وَأَيْضًا فَلَوْ قُدِّرَ أَنَّ الْقَوْلَ بِالنَّصِّ هُوَ الْحَقُّ لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ حُجَّةٌ لِلشِّيعَةِ، فَإِنَّ الرَّاوَنْدِيَّةَ (¬1) تَقُولُ بِالنَّصِّ عَلَى الْعَبَّاسِ كَمَا قَالُوا هُمْ بِالنَّصِّ عَلَى عَلِيٍّ.
قَالَ الْقَاضِي أَبُو يَعْلَى وَغَيْرُهُ: " وَاخْتَلَفَ الرَّاوَنْدِيَّةُ فَذَهَبَ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ إِلَى أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَصَّ عَلَى الْعَبَّاسِ بِعَيْنِهِ وَاسْمِهِ، وَأَعْلَنَ ذَلِكَ وَكَشَفَهُ وَصَرَّحَ بِهِ، وَأَنَّ الْأُمَّةَ جَحَدَتْ (¬2) هَذَا النَّصَّ وَارْتَدَّتْ وَخَالَفَتْ أَمْرَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (¬3) عِنَادًا. وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: إِنَّ النَّصَّ عَلَى الْعَبَّاسِ وَوَلَدِهِ مِنْ بَعْدِهِ إِلَى أَنْ تَقُومَ السَّاعَةُ " (¬4) يَعْنِي هُوَ نَصٌّ خَفِيٌّ.
فَهَذَانِ قَوْلَانِ لِلرَّاوَنْدِيَّةِ كَالْقَوْلَيْنِ لِلشِّيعَةِ، فَإِنَّ الْإِمَامِيَّةَ تَقُولُ: إِنَّهُ نَصَّ عَلَى [عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ]- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - (¬5) مِنْ طَرِيقِ التَّصْرِيحِ وَالتَّسْمِيَةِ
¬_________
(¬1) سَبَقَتِ الْإِشَارَةُ مِنْ قَبْلُ ص 14 ت 4 إِلَى الرَّاوَنْدِيَّةِ الْقَائِلِينَ بِإِمَامَةِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَإِلَى مَا ذَكَرَهُ الْأَشْعَرِيُّ عَنْهُمْ فِي الْمَقَالَاتِ 1/94، وَالرَّازِيُّ فِي اعْتِقَادَاتِ فِرَقِ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُشْرِكِينَ، ص 63. وَسَيَرِدُ بَعْدَ قَلِيلٍ كَلَامُ ابْنِ حَزْمٍ عَنْهُمْ فِي الْفِصَلِ 4/154.
(¬2) أ، ب: كَفَرَتْ.
(¬3) أ، ب: أَمْرَ الرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
(¬4) يَقُولُ الْقَاضِي أَبُو يَعْلَى فِي كِتَابِهِ " الْمُعْتَمَدِ فِي أُصُولِ الدِّينِ " ص 223: " وَذَهَبَ قَوْمٌ مِنَ الرَّاوَنْدِيَّةِ إِلَى أَنَّ النَّصَّ عَلَى الْعَبَّاسِ وَوَلَدِهِ مِنْ بَعْدِهِ إِلَى أَنْ تَقُومَ السَّاعَةُ ".
(¬5) ن، م: عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، أ، ب: عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ.
الصفحة 500