كتاب منهاج السنة النبوية (اسم الجزء: 1)
هَذِهِ (¬1) الْأَحَادِيثِ وَنَحْوُهَا مِمَّا يَسْتَدِلُّ بِهَا مَنْ قَالَ: إِنَّ خِلَافَتَهُ ثَبَتَتْ بِالنَّصِّ. وَالْمَقْصُودُ هُنَا أَنَّ كَثِيرًا مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ يَقُولُونَ (¬2) : إِنَّ خِلَافَتَهُ ثَبَتَتْ بِالنَّصِّ، وَهُمْ يُسْنِدُونَ ذَلِكَ إِلَى أَحَادِيثَ مَعْرُوفَةٍ صَحِيحَةٍ. وَلَا رَيْبَ أَنَّ قَوْلَ هَؤُلَاءِ أَوْجَهُ مِنْ قَوْلِ مَنْ يَقُولُ: إِنْ خِلَافَةَ عَلِيٍّ أَوِ الْعَبَّاسِ ثَبَتَتْ بِالنَّصِّ، فَإِنَّ هَؤُلَاءِ لَيْسَ مَعَهُمْ إِلَّا مُجَرَّدُ الْكَذِبِ وَالْبُهْتَانِ، الَّذِي يَعْلَمُ بُطْلَانَهُ بِالضَّرُورَةِ كُلُّ مَنْ كَانَ عَارِفًا بِأَحْوَالِ الْإِسْلَامِ، أَوِ اسْتِدْلَالٌ بِأَلْفَاظٍ لَا تَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ، كَحَدِيثِ اسْتِخْلَافِهِ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ وَنَحْوِهِ مِمَّا سَنَتَكَلَّمُ عَلَيْهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
فَيُقَالُ لِهَذَا: إِنْ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ الْخَلِيفَةُ مَنْصُوصًا عَلَيْهِ، كَانَ الْقَوْلُ بِهَذَا النَّصِّ أَوْلَى مِنَ الْقَوْلِ بِذَاكَ (¬3) ، وَإِنْ لَمْ يَجِبْ هَذَا، بَطَلَ ذَاكَ.
وَالتَّحْقِيقُ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَلَّ الْمُسْلِمِينَ عَلَى اسْتِخْلَافِ أَبِي بَكْرٍ، وَأَرْشَدَهُمْ إِلَيْهِ بِأُمُورٍ مُتَعَدِّدَةٍ مِنْ أَقْوَالِهِ وَأَفْعَالِهِ، وَأَخْبَرَ بِخِلَافَتِهِ إِخْبَارَ رَاضٍ بِذَلِكَ حَامِدٍ لَهُ، وَعَزَمَ عَلَى أَنْ يَكْتُبَ بِذَلِكَ عَهْدًا، ثُمَّ عَلِمَ أَنَّ الْمُسْلِمِينَ يَجْتَمِعُونَ عَلَيْهِ فَتَرَكَ الْكِتَابَ اكْتِفَاءً بِذَلِكَ، ثُمَّ عَزَمَ عَلَى ذَلِكَ فِي مَرَضِهِ يَوْمَ الْخَمِيسِ، ثُمَّ لَمَّا حَصَلَ لِبَعْضِهِمْ (¬4) شَكٌّ: هَلْ
¬_________
(¬1) ن، م: وَهَذِهِ.
(¬2) ن، م: تَقُولُ.
(¬3) أ، ب: بِذَلِكَ.
(¬4) ن، م: لَهُمْ.
الصفحة 516