كتاب منهاج السنة النبوية (اسم الجزء: 1)
التَّمْثِيلَ بِالْكَافِرِ بَعْدَ مَوْتِهِ مِنْهُ نِكَايَةٌ بِالْعَدُوِّ لَكِنْ نُهِيَ عَنْهُ؛ لِأَنَّهَا زِيَادَةُ إِيذَاءٍ (¬1) بِلَا حَاجَةٍ، فَإِنَّ الْمَقْصُودَ كَفُّ شَرِّهِ بِقَتْلِهِ، [وَقَدْ حَصَلَ] (¬2) .
فَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ يُبْغِضُونَهُمْ لَوْ كَانُوا كُفَّارًا، وَقَدْ مَاتُوا لَمْ يَكُنْ لَهُمْ بَعْدَ مَوْتِهِمْ أَنْ يُمَثِّلُوا بِأَبْدَانِهِمْ لَا يَضْرِبُونَهُمْ، وَلَا يَشُقُّونَ بُطُونَهُمْ، وَلَا يَنْتِفُونَ شُعُورَهُمْ مَعَ أَنَّ فِي ذَلِكَ نِكَايَةً فِيهِمْ، فَأَمَّا إِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ بِغَيْرِهِمْ ظَنًّا أَنَّ ذَلِكَ يَصِلُ إِلَيْهِمْ كَانَ غَايَةَ الْجَهْلِ، فَكَيْفَ إِذَا كَانَ بِمُحَرَّمٍ (¬3) كَالشَّاةِ الَّتِي يَحْرُمُ إِيذَاؤُهَا بِغَيْرِ حَقٍّ، فَيَفْعَلُونَ مَا لَا يَحْصُلُ لَهُمْ [بِهِ] (¬4) مَنْفَعَةٌ أَصْلًا، بَلْ ضَرَرٌ فِي الدِّينِ. وَالدُّنْيَا، وَالْآخِرَةِ مَعَ تَضَمُّنِهِ غَايَةَ الْحُمْقِ، وَالْجَهْلِ.
وَمِنْ حَمَاقَتِهِمْ إِقَامَةُ الْمَأْتَمِ (¬5) ، وَالنِّيَاحَةُ عَلَى مَنْ قَدْ (¬6) قُتِلَ مِنْ سِنِينَ عَدِيدَةٍ (¬7) ، وَمِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّ الْمَقْتُولَ، وَغَيْرَهُ مِنَ الْمَوْتَى إِذَا فَعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ بِهِمْ عَقِبَ مَوْتِهِمْ كَانَ ذَلِكَ مِمَّا حَرَّمَهُ اللَّهُ، وَرَسُولُهُ، فَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ (¬8) عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: ( «لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَطَمَ الْخُدُودَ، وَشَقَّ
¬_________
(¬1) أ: لِأَنَّهُ زَائِدَةُ إِيذَاءٍ؛ ب: لِأَنَّهُ زِيَادَةُ إِيذَاءٍ.
(¬2) وَقَدْ حَصَلَ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن، (م) .
(¬3) ن، م: بِمُحْتَرَمٍ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.
(¬4) بِهِ: زِيَادَةٌ فِي (أ) ، (ب) .
(¬5) أ: الْمَآتِمِ.
(¬6) قَدْ: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) .
(¬7) ن، م: عَظِيمَةٍ.
(¬8) ن، م: وَفِي الصَّحِيحِ.
الصفحة 52