كتاب منهاج السنة النبوية (اسم الجزء: 1)
عَلِيًّا وَيَقُولُونَ: هُوَ إِمَامٌ مَعْصُومٌ (¬1) ، وَطَائِفَةٌ مِنَ الْمَرْوَانِيَّةِ تُفَسِّقُهُ وَتَقُولُ: إِنَّهُ ظَالِمٌ مُعْتَدٍ (¬2) ، وَطَائِفَةٌ مِنَ الْمُعْتَزِلَةِ تَقُولُ: قَدْ فَسَقَ إِمَّا هُوَ وَإِمَّا مَنْ قَاتَلَهُ، لَكِنْ لَا يُعْلَمُ عَيْنُهُ، وَطَائِفَةٌ أُخْرَى مِنْهُمْ تُفَسِّقُ مُعَاوِيَةَ وَعَمْرًا دُونَ طَلْحَةَ وَالزُّبَيْرِ وَعَائِشَةَ (¬3) .
¬_________
(¬1) يَذْكُرُ الْأَشْعَرِيُّ (الْمَقَالَاتِ 1/122) أَنَّ فِرْقَةً مِنَ الشِّيعَةِ تُكَفِّرُ مَنْ حَارَبَ عَلِيًّا وَتُضَلِّلُهُ، وَالْفِرْقَةُ الثَّانِيَةُ مِنْهُمْ يَزْعُمُونَ أَنَّ مَنْ حَارَبَ عَلِيًّا فَاسِقٌ لَيْسَ بِكَافِرٍ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ حَارَبَ عَلِيًّا عِنَادًا لِلرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَرَدًّا عَلَيْهِ فَهُمْ كُفَّارٌ. وَفِي " مِنْهَاجِ الشَّرِيعَةِ فِي الرَّدِّ عَلَى ابْنِ تَيْمِيَّةَ " يُحَاوِلُ الْمُؤَلِّفُ الْبَرْهَنَةَ عَلَى أَنَّ كُلَّ مَنْ حَارَبَ عَلِيًّا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي مَوْقِعَتَيِ الْجَمَلِ وَصِفِّينَ لَا يُعَدُّ مُسْلِمًا، وَمِنْ قَوْلِهِ فِي ذَلِكَ (ج [0 - 9] ، ص [0 - 9] 3) : " وَخَبَرُ: وَانْصُرْ مَنْ نَصَرَهُ، وَاخْذُلْ مَنْ خَذَلَهُ، دَلِيلٌ عَلَى نِفَاقِ حَتَّى مَنْ لَمْ يُحَارِبْ مَعَهُ وَلَمْ يُحَارِبْهُ، فَإِنَّ مَنْ خَذَلَهُ اللَّهُ لَيْسَ بِمُسْلِمٍ، فَعُلِمَ مُخَالَفَتُهُمْ وَتَرْكُهُمْ لِهَذِهِ السُّنَنِ جَمِيعًا فِي حُكْمِهِمْ بِأَنَّ مَنْ حَارَبَ عَلِيًّا مُسْلِمٌ ".
(¬2) مُعْتَدٍ: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) . وَفِي (ن) : مُتَعَدٍّ. وَالْمُثْبَتُ مِنْ (م) .
(¬3) فِي كِتَابِ " أُصُولِ الدِّينِ لِابْنِ طَاهِرٍ الْبَغْدَادِيِّ، ص [0 - 9] 90 - 291: " وَقَالَ وَاصِلُ بْنُ عَطَاءٍ وَعَمْرُو بْنُ عُبَيْدٍ وَالنَّظَّامُ وَأَكْثَرُ الْقَدَرِيَّةِ: نَتَوَلَّى عَلِيًّا وَأَصْحَابَهُ عَلَى انْفِرَادِهِمْ، وَنَتَوَلَّى طَلْحَةَ وَالزُّبَيْرَ وَأَتْبَاعَهُمَا عَلَى انْفِرَادِهِمَا، وَلَكِنْ لَوْ شَهِدَ عَلِيٌّ مَعَ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِهِ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُمَا وَلَوْ شَهِدَ طَلْحَةُ أَوِ الزُّبَيْرُ مَعَ وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِهِ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُمَا، وَلَوْ شَهِدَ عَلِيٌّ مَعَ طَلْحَةَ عَلَى بَاقَةِ بَقْلٍ لَمْ نَحْكُمْ بِشَهَادَتِهِمَا: لِأَنَّ أَحَدَهُمَا فَاسِقٌ، وَالْفَاسِقُ مُخَلَّدٌ فِي النَّارِ، وَلَيْسَ بِمُؤْمِنٍ وَلَا كَافِرٍ ". وَذَكَرَ الْأَشْعَرِيُّ (الْمَقَالَاتِ 2/130) أَنَّ النَّظَّامَ كَانَ مِمَّنْ يَقُولُ بِأَنَّ عَلِيًّا كَانَ مُصِيبًا، فِي حِينِ أَنَّ طَلْحَةَ وَالزُّبَيْرَ وَعَائِشَةَ وَمُعَاوِيَةَ كَانُوا مُخْطِئِينَ. وَقَالَ ضِرَارٌ وَأَبُو الْهُذَيْلِ وَمَعْمَرٌ: نَعْلَمُ أَنَّ أَحَدَهُمَا مُصِيبٌ وَالْآخَرَ مُخْطِئٌ، فَنَحْنُ نَتَوَلَّى كُلَّ وَاحِدٍ مِنَ الْفَرِيقَيْنِ عَلَى الِانْفِرَادِ، وَأَنْزَلُوا الْفَرِيقَيْنِ مَنْزِلَةَ الْمُتَلَاعِنَيْنِ الَّذِينَ يَعْلَمُونَ أَنَّ أَحَدَهُمَا مُخْطِئٌ، وَلَا يَعْلَمُونَ الْمُخْطِئَ مِنْهُمَا. هَذَا قَوْلُهُمْ فِي عَلِيٍّ، وَطَلْحَةَ، وَالزُّبَيْرِ، وَعَائِشَةَ؛ فَأَمَّا مُعَاوِيَةُ فَهُمْ لَهُ مُخَطِّئُونَ غَيْرُ قَائِلِينَ بِإِمَامَتِهِ. وَانْظُرْ أَيْضًا: الِانْتِصَارَ لِلْخَيَّاطِ، ص 97 - 98؛ الْفَرْقَ بَيْنَ الْفِرَقِ، ص [0 - 9] 1 - 73؛ الْمِلَلَ وَالنِّحَلَ 1/52 - 53.
الصفحة 544