كتاب منهاج السنة النبوية (اسم الجزء: 1)
عَدَمِهِمْ، كَمَا يُقَالُ: سِتُّونَ سَنَةً مَعَ إِمَامٍ جَائِرٍ، خَيْرٌ مِنْ لَيْلَةٍ وَاحِدَةٍ بِلَا إِمَامٍ.
وَيُرْوَى عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - (¬1) أَنَّهُ قَالَ: لَا بُدَّ لِلنَّاسِ مِنْ إِمَارَةٍ بَرَّةً كَانَتْ أَوْ فَاجِرَةً. قِيلَ لَهُ: هَذِهِ الْبَرَّةُ قَدْ عَرَفْنَاهَا فَمَا بَالُ الْفَاجِرَةِ؟ قَالَ: يُؤَمَّنُ بِهَا السَّبِيلُ، وَيُقَامُ بِهِ الْحُدُودُ، وَيُجَاهَدُ بِهِ الْعَدُوُّ، وَيُقْسَمُ بِهَا الْفَيْءُ. ذَكَرَهُ عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ فِي كِتَابِ " الطَّاعَةِ وَالْمَعْصِيَةِ " (¬2) .
وَكُلُّ مَنْ تَوَلَّى كَانَ خَيْرًا مِنَ الْمَعْدُومِ الْمُنْتَظَرِ الَّذِي تَقُولُ الرَّافِضَةُ: إِنَّهُ الْخَلَفُ الْحُجَّةُ، فَإِنَّ هَذَا لَمْ يَحْصُلْ بِإِمَامَتِهِ شَيْءٌ مِنَ الْمَصْلَحَةِ لَا فِي الدُّنْيَا وَلَا فِي الدِّينِ أَصْلًا، فَلَا فَائِدَةَ فِي إِمَامَتِهِ إِلَّا الِاعْتِقَادَاتِ الْفَاسِدَةِ وَالْأَمَانِيَّ الْكَاذِبَةَ [وَالْفِتَنَ بَيْنَ الْأُمَّةِ] (¬3) وَانْتِظَارَ مَنْ لَا يَجِيءُ، فَتُطْوَى الْأَعْمَارُ وَلَمْ يَحْصُلْ مِنْ فَائِدَةِ هَذِهِ الْإِمَامَةِ شَيْءٌ.
وَالنَّاسُ لَا يُمْكِنُهُمْ بَقَاءُ أَيَّامٍ قَلِيلَةٍ بِلَا وُلَاةِ أُمُورٍ، بَلْ كَانَتْ تَفْسُدُ أُمُورُهُمْ (¬4) ، فَكَيْفَ تَصْلُحُ أُمُورُهُمْ إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُمْ إِمَامٌ إِلَّا مَنْ لَا يَعْرِفُ وَلَا يَدْرِي مَا يَقُولُ، وَلَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ مِنْ أُمُورِ الْإِمَامَةِ بَلْ هُوَ مَعْدُومٌ؟
¬_________
(¬1) ن، م: عَلِيٍّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -.
(¬2) فِي كُتُبِ الرِّجَالِ يُذْكَرُ اثْنَانِ بَاسِمِ عَلِيِّ بْنِ مَعْبَدٍ، الْأَوَّلُ: عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدِ بْنِ شَدَّادٍ الْعَبْدِيُّ أَبُو الْحَسَنِ، وَيُقَالُ: أَبُو مُحَمَّدٍ الرَّقِّيُّ الْمُتَوَفَّى 218. وَالثَّانِي هُوَ: عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدِ بْنِ نُوحٍ الْمِصْرِيُّ الصَّغِيرُ أَبُو الْحَسَنِ الْبَغْدَادِيُّ الْمُتَوَفَّى سَنَةَ 259، وَلَمْ أَتَبَيَّنْ أَيَّهُمَا الْمَقْصُودُ، وَلَمْ أَجِدْ أَيَّ ذِكْرٍ لِكِتَابِ " الطَّاعَةِ وَالْمَعْصِيَةِ ". انْظُرْ: تَهْذِيبَ التَّهْذِيبِ 7/384 - 386؛ مِيزَانَ الِاعْتِدَالِ 2/238؛ تَارِيخَ بَغْدَادَ 12/109 - 110.
(¬3) مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(¬4) أ، ب: أُمُورُهُمْ تَفْسُدُ.
الصفحة 548