كتاب منهاج السنة النبوية (اسم الجزء: 1)

- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُتَوَافِرُونَ، فَأَجْمَعُوا أَنَّ كُلَّ دَمٍ أَوْ مَالٍ أَوْ فَرْجٍ أُصِيبَ بِتَأْوِيلِ الْقُرْآنِ فَهُوَ هَدَرٌ، أَنْزَلُوهُمْ مَنْزِلَةَ الْجَاهِلِيَّةِ. فَبَيَّنَ أَنَّهُمْ جَعَلُوا هَذَا غَيْرَ مَضْمُونٍ، كَمَا أَنَّ مَا يُصِيبُهُ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ غَيْرُ مَضْمُونٍ؛ لِأَنَّ الضَّمَانَ إِنَّمَا يَكُونُ مَعَ الْعِلْمِ بِالتَّحْرِيمِ، فَأَمَّا مَعَ الْجَهْلِ بِالتَّحْرِيمِ، كَحَالِ الْكُفَّارِ وَالْمُرْتَدِّينَ وَالْمُتَأَوِّلِينَ مِنْ أَهْلِ الْقِبْلَةِ، فَالضَّمَانُ مُنْتَفٍ.
وَلِهَذَا لَمْ يُضَمِّنِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ (¬1) دَمَ الْمَقْتُولِ الَّذِي قَتَلَهُ مُتَأَوِّلًا، مَعَ قَوْلِهِ: " «أَقَتَلْتَهُ بَعْدَ أَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ؟ أَقَتَلْتَهُ بَعْدَ أَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ؟ أَقَتَلْتَهُ بَعْدَ أَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ» ؟ " (¬2) وَلِهَذَا لَا تُقَامُ الْحُدُودُ إِلَّا عَلَى مَنْ عَلِمَ التَّحْرِيمَ (¬3) .
وَالْخَيْرُ الثَّانِي اجْتِمَاعُ النَّاسِ لَمَّا اصْطَلَحَ الْحَسَنُ وَمُعَاوِيَةُ، لَكِنْ كَانَ (¬4) صُلْحًا عَلَى دَخَنٍ، وَجَمَاعَةً عَلَى أَقْذَاءٍ، فَكَانَ فِي النُّفُوسِ
¬_________
(¬1) بْنَ زَيْدٍ: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) .
(¬2) الْحَدِيثُ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي مَوْضِعَيْنِ فِي مُسْلِمٍ 1/96 - 97 (كِتَابُ الْإِيمَانِ، بَابُ تَحْرِيمِ قَتْلِ الْكَافِرِ بَعْدَ أَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ) . وَهُوَ فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ 3/61 (كِتَابُ الْجِهَادِ، بَابُ عَلَى مَا يُقَاتِلُ الْمُشْرِكُونَ) . وَجَاءَ فِي حَدِيثٍ آخَرَ بِنَفْسِ الْمَعْنَى عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي سُنَنِ ابْنِ مَاجَهْ 2/1296 (كِتَابُ الْفِتَنِ، بَابُ الْكَفِّ عَمَّنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ) ؛ الْمُسْنَدِ (ط. الْحَلَبِيِّ) 4/438 - 439.
(¬3) ن (فَقَطْ) : الْحُدُودَ.
(¬4) ن، م: وَكَانَ ذَلِكَ.

الصفحة 560