كتاب منهاج السنة النبوية (اسم الجزء: 1)
إِذْ لَيْسَ فِي الْمُظْهِرِينَ (¬1) لِلْإِسْلَامِ أَقْرَبُ إِلَى النِّفَاقِ وَالرِّدَّةِ مِنْهُمْ، وَلَا يُوجَدُ الْمُرْتَدُّونَ، وَالْمُنَافِقُونَ فِي طَائِفَةٍ أَكْثَرَ مِمَّا يُوجَدُ فِيهِمْ، وَاعْتُبِرَ ذَلِكَ بِالْغَالِيَةِ مِنَ النُّصَيْرِيَّةِ، وَغَيْرِهِمْ، وَبِالْمَلَاحِدَةِ الْإِسْمَاعِيلِيَّةِ، وَأَمْثَالِهِمْ.
وَعُمْدَتُهُمْ فِي الشَّرْعِيَّاتِ مَا نُقِلَ لَهُمْ عَنْ بَعْضِ أَهْلِ الْبَيْتِ، وَذَلِكَ النَّقْلُ مِنْهُ مَا هُوَ صِدْقٌ، وَمِنْهُ مَا هُوَ كَذِبٌ عَمْدًا، أَوْ خَطَأً، وَلَيْسُوا أَهْلَ مَعْرِفَةٍ بِصَحِيحِ الْمَنْقُولِ وَضَعِيفِهِ كَأَهْلِ الْمَعْرِفَةِ بِالْحَدِيثِ، ثُمَّ إِذَا صَحَّ [النَّقْلُ] (¬2) عَنْ بَعْضِ (¬3) هَؤُلَاءِ، فَإِنَّهُمْ بَنَوْا وُجُوبَ قَبُولِ قَوْلِ الْوَاحِدِ مِنْ هَؤُلَاءِ عَلَى ثَلَاثَةِ أُصُولٍ: عَلَى أَنَّ الْوَاحِدَ مِنْ هَؤُلَاءِ مَعْصُومٌ مِثْلَ عِصْمَةِ الرَّسُولِ، وَعَلَى أَنَّ مَا يَقُولُهُ أَحَدُهُمْ، فَإِنَّمَا يَقُولُ نَقْلًا عَنِ الرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَأَنَّهُمْ قَدْ عُلِمَ مِنْهُمْ أَنَّهُمْ قَالُوا: مَهْمَا قُلْنَا، فَإِنَّمَا نَقُولُهُ نَقْلًا عَنِ الرَّسُولِ، وَيَدَّعُونَ الْعِصْمَةَ فِي أَهْلِ (¬4) النَّقْلِ، وَالثَّالِثُ (¬5) : أَنَّ إِجْمَاعَ الْعِتْرَةِ حُجَّةٌ، ثُمَّ يَدَّعُونَ أَنَّ الْعِتْرَةَ هُمُ الِاثْنَا عَشَرَ، وَيَدَّعُونَ أَنَّ مَا نُقِلَ عَنْ أَحَدِهِمْ، فَقَدْ أَجْمَعُوا [كُلُّهُمْ] (¬6) عَلَيْهِ.
فَهَذِهِ أُصُولُ الشَّرْعِيَّاتِ عِنْدَهُمْ، وَهِيَ أُصُولٌ فَاسِدَةٌ، كَمَا سَنُبَيِّنُ ذَلِكَ فِي مَوْضِعِهِ لَا يَعْتَمِدُونَ عَلَى الْقُرْآنِ، وَلَا عَلَى الْحَدِيثِ، وَلَا عَلَى إِجْمَاعٍ إِلَّا لِكَوْنِ الْمَعْصُومِ مِنْهُمْ، وَلَا عَلَى الْقِيَاسِ، وَإِنْ كَانَ، وَاضِحًا جَلِيًّا (¬7) .
¬_________
(¬1) أ، ب: الْمُظَاهِرِينَ.
(¬2) النَّقْلُ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(¬3) بَعْضِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) .
(¬4) أ، ب: هَذَا.
(¬5) ن، م: الثَّالِثُ.
(¬6) كُلُّهُمْ: زِيَادَةٌ فِي (أ) ، (ب) .
(¬7) أ، ب: جَلِيًّا وَاضِحًا.
الصفحة 69