كتاب منهاج السنة النبوية (اسم الجزء: 1)

[وَعُمْدَتُهُمْ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ عَلَى التَّقْلِيدِ] ، وَإِنْ ظَنُّوا إِقَامَتَهُ بِالْبُرْهَانِيَّاتِ، فَتَارَةً يَتَّبِعُونَ الْمُعْتَزِلَةَ، وَالْقَدَرِيَّةَ (¬1) ، وَتَارَةً يَتَّبِعُونَ الْمُجَسِّمَةَ (¬2) ، [وَالْجَبْرِيَّةُ (¬3) ، وَهُمْ مِنْ أَجْهَلِ هَذِهِ الطَّوَائِفِ] بِالنَّظَرِيَّاتِ، وَلِهَذَا كَانُوا عِنْدَ عَامَّةِ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالدِّينِ مِنْ أَجْهَلِ الطَّوَائِفِ الدَّاخِلِينَ فِي الْمُسْلِمِينَ.
¬_________
(¬1) الْقَدَرِيَّةُ هُمُ الَّذِينَ كَانُوا يَخُوضُونَ فِي الْقَدَرِ وَيَذْهَبُونَ إِلَى إِنْكَارِهِ. وَأَوَّلُ الْقَدَرِيَّةِ هُوَ - عَلَى الْأَرْجَحِ - مَعْبَدٌ الْجُهَنِيُّ الْمَقْتُولُ سَنَةَ 80 هـ. (انْظُرْ شَرْحَ مُسْلِمٍ لِلنَّوَوِيِّ 1/150 - 151) وَتَبِعَهُ عَلَى ذَلِكَ غَيْلَانُ بْنُ مُسْلِمٍ الدِّمَشْقِيُّ الْمَقْتُولُ فِي عَهْدِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ. انْظُرِ الْفَرْقَ بَيْنَ الْفِرَقِ 70؛ " الْمُعْتَزِلَةَ " تَأْلِيفُ زُهْدِي جَار اللَّهِ (الْقَاهِرَةَ، 1947) ص [0 - 9]- 7.
وَقَدْ ذَكَرَ الْأَشْعَرِيُّ فِي مَقَالَاتِهِ اخْتِلَافَ الرَّافِضَةِ فِي أُصُولِ الدِّينِ وَبَيَّنَ أَنَّ بَعْضَهُمْ كَانُوا يُتَابِعُونَ الْمُعْتَزِلَةَ وَالْقَدَرِيَّةَ. انْظُرِ الْمَقَالَاتِ 1/105، 110، 114، 115، (وَنَقَلَ ابْنُ تَيْمِيَّةَ بَعْضَ كَلَامِهِ فِيمَا يَلِي مِنْ هَذَا الْكِتَابِ: بُولَاقَ 1/214) . وَانْظُرْ أَيْضًا ضُحَى الْإِسْلَامِ لِأَحْمَدَ أَمِين 3/267 - 268، الْقَاهِرَةَ، 1949.
(¬2) الْمُجَسِّمَةُ هُمُ الْقَائِلُونَ بِأَنَّ اللَّهَ جِسْمٌ مِنَ الْأَجْسَامِ، وَقَدْ أَوْرَدَ الْأَشْعَرِيُّ (الْمَقَالَاتِ 1/102 - 105) آرَاءَ خَمْسِ فِرَقٍ مِنَ الشِّيعَةِ الْأَوَائِلِ وَكُلُّهَا تَذْهَبُ إِلَى التَّجْسِيمِ مِثْلَ قَوْلِ هِشَامِ بْنِ الْحَكَمِ بِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى جِسْمٌ " طُولُهُ مِثْلُ عَرْضِهِ، وَعَرْضُهُ مِثْلُ عُمْقِهِ " ثُمَّ قَالَ الْأَشْعَرِيُّ (1/105) " وَقَالُوا فِي التَّوْحِيدِ بِقَوْلِ الْمُعْتَزِلَةِ وَالْخَوَارِجِ، فَأَمَّا أَوَائِلُهُمْ فَإِنَّهُمْ كَانُوا يَقُولُونَ مَا حَكَيْنَا عَنْهُمْ مِنَ التَّشْبِيهِ ". وَقَدْ نَقَلَ ابْنُ تَيْمِيَّةَ فِي كِتَابِنَا هَذَا (بُولَاقَ 1/203) كَلَامَ الْأَشْعَرِيِّ فِي هَذَا الصَّدَدِ، وَانْظُرْ مَا ذَكَرَهُ أَيْضًا عَنِ الْمُجَسِّمَةِ (1/238 - 240) . وَانْظُرْ أَيْضًا دَائِرَةَ الْمَعَارِفِ الْإِسْلَامِيَّةِ، مَادَّةَ " جَسَمَ "، 6/460 - 461، وَمَادَّةَ " التَّشْبِيهِ ": 5/257 - 258.
(¬3) م: الْجَبْرِيَّةُ وَالْمُجَسِّمَةُ. وَالْجَبْرِيَّةُ هُمُ الَّذِينَ لَا يُثْبِتُونَ لِلْعَبْدِ فِعْلًا، وَلَا قُدْرَةً عَلَى الْفِعْلِ أَصْلًا، بَلْ يُضِيفُونَ الْفِعْلَ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى. وَلَا تُوجَدُ - فِيمَا نَعْلَمُ - فِرَقٌ تَنْفَرِدُ بِالْقَوْلِ بِالْجَبْرِ، بَلْ أَكْثَرُ الْجَبْرِيَّةِ يَقُولُونَ بِهِ مَعَ قَوْلِهِمْ بِأُمُورٍ أُخْرَى مِثْلَ الْجَهْمِيَّةِ وَالنَّجَّارِيَّةِ وَالضِّرَارِيَّةِ الَّذِينَ جَمَعُوا بَيْنَ الْجَبْرِ وَنَفْيِ الصِّفَاتِ. انْظُرِ الْمِلَلَ وَالنِّحَلَ 1/79 - 83؛ الْفَرْقَ بَيْنَ الْفِرَقِ 126 - 130؛ اعْتِقَادَاتِ فِرَقِ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُشْرِكِينَ 68 - 69.
وَلَمْ أَجِدْ فِيمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ الْمَرَاجِعِ مَا يَدُلُّ عَلَى مُتَابَعَةِ الشِّيعَةِ لِلْجَبْرِيَّةِ، وَانْظُرْ فِي ذَلِكَ الْمَقَالَاتِ 1/110 - 112؛ الْمِلَلَ وَالنِّحَلَ 1/146 - 147، 154.

الصفحة 9