كتاب منهاج السنة النبوية (اسم الجزء: 1)

الرَّجُلُ (¬1) إِيمَانًا وَخَيْرًا، وَمُوَالَاةً لِلَّهِ، وَأَنَّ الْمُصَدِّقَ بِوُجُودِ هَؤُلَاءِ أَكْمَلُ [وَأَشْرَفُ] (¬2) ، وَأَفْضَلُ عِنْدَ اللَّهِ مِمَّنْ لَمْ يُصَدِّقْ بِوُجُودِ هَؤُلَاءِ، وَهَذَا الْقَوْلُ لَيْسَ مِثْلَ قَوْلِ الرَّافِضَةِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، بَلْ هُوَ مُشَابِهٌ لَهُ مِنْ بَعْضِ الْوُجُوهِ لِكَوْنِهِمْ جَعَلُوا كَمَالَ الدَّيْنِ مَوْقُوفًا عَلَى ذَلِكَ.
وَحِينَئِذٍ فَيُقَالُ: هَذَا الْقَوْلُ أَيْضًا بَاطِلٌ بِاتِّفَاقِ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ، وَأَئِمَّتِهِمْ، فَإِنَّ الْعِلْمَ بِالْوَاجِبَاتِ، وَالْمُسْتَحَبَّاتِ، وَفِعْلَ الْوَاجِبَاتِ، وَالْمُسْتَحَبَّاتِ كُلِّهَا لَيْسَ مَوْقُوفًا عَلَى التَّصْدِيقِ بِوُجُودِ أَحَدٍ مِنْ (¬3) هَؤُلَاءِ، وَمَنْ ظَنَّ مِنْ أَهْلِ النُّسُكِ، وَالزُّهْدِ، وَالْعَامَّةِ أَنَّ شَيْئًا مِنَ الدِّينِ - وَاجِبِهِ، أَوْ مُسْتَحَبِّهِ - مَوْقُوفًا (¬4) عَلَى التَّصْدِيقِ بِوُجُودِ هَؤُلَاءِ، فَهُوَ (¬5) جَاهِلٌ ضَالٌّ بِاتِّفَاقِ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَالْإِيمَانِ الْعَالِمِينَ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، إِذْ قَدْ عُلِمَ بِالِاضْطِرَارِ مِنْ دِينِ الْإِسْلَامِ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يُشَرِّعْ لِأُمَّتِهِ التَّصْدِيقَ بِوُجُودِ هَؤُلَاءِ، وَلَا أَصْحَابُهُ كَانُوا يَجْعَلُونَ ذَلِكَ مِنَ الدِّينِ، [وَلَا أَئِمَّةُ الْمُسْلِمِينَ.
وَأَيْضًا، فَجَمِيعُ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ لَفْظُ الْغَوْثِ، وَالْقُطْبِ، وَالْأَوْتَادِ، وَالنُّجَبَاءِ (¬6) ، وَغَيْرِهَا لَمْ يَنْقُلْ أَحَدٌ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِإِسْنَادِ مَعْرُوفٍ أَنَّهُ
¬_________
(¬1) أ، ب: يَزْدَادُ الرَّجُلُ بِهِ.
(¬2) وَأَشْرَفُ: زِيَادَةٌ فِي (أ) ، (ب) .
(¬3) عِبَارَةُ " أَحَدٍ مِنْ ": سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) .
(¬4) م: وَاجِبِهِ وَمُسْتَحَبِّهِ مَوْقُوفًا؛ ب: وَاجِبًا أَوْ مُسْتَحَبًّا مَوْقُوفٌ.
(¬5) أ، ب: فَهَذَا.
(¬6) يَقُولُ ابْنُ عَرَبِيٍّ (رِسَالَةً فِي اصْطِلَاحَاتِ الصُّوفِيَّةِ، ص [0 - 9] 35) : " الْأَوْتَادُ عِبَارَةٌ عَنْ أَرْبَعَةِ رِجَالٍ مَنَازِلُهُمْ عَلَى مَنَازِلِ أَرْبَعَةِ أَرْكَانٍ مِنَ الْعَالَمِ: شَرْقٌ وَغَرْبٌ وَشَمَالٌ وَجَنُوبٌ مَعَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مَقَامُ تِلْكَ الْجِهَةِ. النُّجَبَاءُ: هُمْ أَرْبَعُونَ، وَهُمُ الْمَشْغُولُونَ بِحَمْلِ أَثْقَالِ الْخَلْقِ فَلَا يَتَصَرَّفُونَ إِلَّا فِي حَقِّ الْغَيْرِ " وَانْظُرِ التَّعْرِيفَاتِ ص [0 - 9] 3، 214.

الصفحة 93