كتاب منهاج السنة النبوية (اسم الجزء: 2)
فَيُقَالُ: الْكَلَامُ عَلَى هَذَا مِنْ وُجُوهٍ: أَحَدُهَا: أَنْ يُقَالَ: مَا ذَكَرَهُ مِنَ الصِّفَاتِ وَالْقَدَرِ لَا يَتَعَلَّقُ بِمَسْأَلَةِ الْإِمَامَةِ أَصْلًا، بَلْ يَقُولُ بِمَذْهَبِ (¬1) الْإِمَامِيَّةِ مَنْ لَا يَقُولُ بِهَذَا، وَيَقُولُ بِهَذَا مَنْ لَا يَقُولُ بِمَذْهَبِ الْإِمَامِيَّةِ، وَلَا أَحَدُهُمَا مَبْنِيٌّ عَلَى الْآخَرِ، فَإِنَّ الطَّرِيقَ إِلَى ذَلِكَ عِنْدَ الْقَائِلِينَ بِهِ هُوَ الْعَقْلُ، وَأَمَّا تَعْيِينُ الْإِمَامِ فَهُوَ (¬2) عِنْدَهُمْ مِنَ السَّمْعِ، فَإِدْخَالُ هَذَا فِي مَسْأَلَةِ الْإِمَامَةِ مِثْلُ إِدْخَالِ سَائِرِ مَسَائِلِ النِّزَاعِ، وَهَذَا خُرُوجٌ عَنِ الْمَقْصُودِ.
الْوَجْهُ الثَّانِي: أَنْ يُقَالَ: هَذَا قَوْلُ الْمُعْتَزِلَةِ فِي التَّوْحِيدِ وَالْقَدَرِ، وَالشِّيعَةُ الْمُنْتَسِبُونَ إِلَى أَهْلِ الْبَيْتِ، الْمُوَافِقُونَ لِهَؤُلَاءِ الْمُعْتَزِلَةِ، أَبْعَدُ النَّاسِ عَنْ مَذَاهِبِ أَهْلِ الْبَيْتِ فِي التَّوْحِيدِ وَالْقَدَرِ، فَإِنَّ أَئِمَّةَ أَهْلِ الْبَيْتِ كَعَلِيٍّ وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَمَنْ بَعْدَهُمْ كُلَّهُمْ مُتَّفِقُونَ عَلَى مَا اتَّفَقَ عَلَيْهِ سَائِرُ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ مِنْ إِثْبَاتِ الصِّفَاتِ وَالْقَدَرِ.
وَالْكُتُبُ الْمُشْتَمِلَةُ (¬3) عَلَى الْمَنْقُولَاتِ الصَّحِيحَةِ مَمْلُوءَةٌ بِذَلِكَ، وَنَحْنُ نَذْكُرُ بَعْضَ مَا فِي ذَلِكَ عَنْ عَلِيٍّ [رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ] (¬4) وَأَهْلِ بَيْتِهِ لِيَتَبَيَّنَ أَنَّ هَؤُلَاءِ الشِّيعَةَ مُخَالِفُونَ لَهُمْ فِي أُصُولِ دِينِهِمْ.
الْوَجْهُ الثَّالِثُ: أَنَّ مَا ذَكَرَهُ مِنْ (¬5) الصِّفَاتِ وَالْقَدَرِ لَيْسَ مِنْ خَصَائِصِ الشِّيعَةِ، وَلَا هُمْ أَئِمَّةُ الْقَوْلِ بِهِ، وَلَا هُوَ شَامِلٌ لِجَمِيعِهِمْ، بَلْ أَئِمَّةُ ذَلِكَ هُمُ
¬_________
(¬1) ن، م: بِمَذَاهِبِ.
(¬2) ن: هُوَ.
(¬3) ن، م: الْمُشْتَمِلَاتُ.
(¬4) رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: زِيَادَةٌ فِي (أ) ، (ب) .
(¬5) أ، ب: فِي.
الصفحة 100