كتاب منهاج السنة النبوية (اسم الجزء: 2)

فَيُقَالُ: إِنَّهُ [قَدْ] (¬1) جَعَلَ الْمُسْلِمِينَ بَعْدَ نَبِيِّهِمْ أَرْبَعَةَ أَصْنَافٍ، وَهَذَا مِنْ أَعْظَمِ الْكَذِبِ، فَإِنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي الصَّحَابَةِ الْمَعْرُوفِينَ أَحَدٌ مِنْ هَذِهِ الْأَصْنَافِ الْأَرْبَعَةِ، فَضْلًا عَنْ أَنْ لَا يَكُونَ فِيهِمْ أَحَدٌ إِلَّا مِنْ هَذِهِ الْأَصْنَافِ: إِمَّا طَالِبٌ لِلْأَمْرِ (¬2) بِغَيْرِ حَقٍّ (¬3) كَأَبِي بَكْرٍ فِي زَعْمِهِ، وَإِمَّا طَالَبٌ لِلْأَمْرِ بِحَقٍّ كَعَلِيٍّ فِي زَعْمِهِ، وَهَذَا كَذِبٌ عَلَى عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَعَلَى أَبِي بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ (¬4) -، فَلَا عَلِيٌّ طَلَبَ الْأَمْرَ لِنَفْسِهِ قَبْلَ قَتْلِ عُثْمَانَ، وَلَا أَبُو بَكْرٍ طَلَبَ الْأَمْرَ لِنَفْسِهِ، فَضْلًا عَنْ أَنْ يَكُونَ طَلَبُهُ بِغَيْرِ حَقٍّ. وَجَعَلَ الْقِسْمَيْنِ الْآخَرَيْنِ: [إِمَّا مُقَلِّدًا لِأَجْلِ الدُّنْيَا] (¬5) ، وَإِمَّا مُقَلِّدًا لِقُصُورِهِ فِي النَّظَرِ.
وَذَلِكَ أَنَّ الْإِنْسَانَ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَعْرِفَ الْحَقَّ وَأَنْ يَتَّبِعَهُ، وَهَذَا [هُوَ] (¬6) الصِّرَاطُ الْمُسْتَقِيمُ، صِرَاطُ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ (¬7) مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ، غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ، وَهَذَا هُوَ الصِّرَاطُ الَّذِي أَمَرَنَا اللَّهُ أَنْ نَسْأَلَهُ (¬8) هِدَايَتَنَا إِيَّاهُ فِي كُلِّ صَلَاةٍ، بَلْ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ.
وَقَدْ صَحَّ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: " «الْيَهُودُ مَغْضُوبٌ
¬_________
(¬1) قَدْ: زِيَادَةٌ فِي (أ) ، (ب) .
(¬2) ن: الْأَمْرَ.
(¬3) بِغَيْرِ حَقٍّ: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) .
(¬4) ن: عَلَى عَلِيٍّ وَأَبِي بَكْرٍ.
(¬5) مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) فَقَطْ.
(¬6) هُوَ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) (م) .
(¬7) أ، م، ب: أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ.
(¬8) م: أَمَرَ اللَّهُ أَنْ نَسْأَلَهُ ; أ، ب: أَمَرَنَا أَنْ نَسْأَلَهُ.

الصفحة 11