كتاب منهاج السنة النبوية (اسم الجزء: 2)

وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: بَلْ تَكُونُ شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ، وَهُوَ قَوْلُ كَثِيرٍ مِنْ أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ وَالسُّنَّةِ وَأَئِمَّةِ الْفَلَاسِفَةِ.
وَأَمَّا التَّسَلْسُلُ فَمِنَ النَّاسِ مَنْ لَمْ يَلْتَزِمْهُ، وَقَالَ: كَمَا أَنَّهُ يَجُوزُ عِنْدَكُمْ حَوَادِثُ مُنْفَصِلَةٌ لَا ابْتِدَاءَ لَهَا، فَكَذَلِكَ يَجُوزُ قِيَامُ حَوَادِثَ بِذَاتِهِ لَا ابْتِدَاءَ لَهَا، وَهَذَا قَوْلُ كَثِيرٍ مِنَ الْكَرَّامِيَّةِ وَالْمُرْجِئَةِ وَالْهِشَامِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ.
وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: بَلِ التَّسَلْسُلُ جَائِزٌ فِي الْآثَارِ دُونَ الْمُؤَثِّرَاتِ، وَالْتَزَمَ أَنَّهُ يَقُومُ بِذَاتِهِ مَا لَا يَتَنَاهَى شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ، وَيَقُولُ: إِنَّهُ لَمْ يَزَلْ مُتَكَلِّمًا بِمَشِيئَتِهِ وَلَا نِهَايَةَ لِكَلِمَاتِهِ، وَهَذَا قَوْلُ أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ وَكَثِيرٍ مِنَ النُّظَّارِ.
وَالْكَلَامُ عَلَى قِيَامِ الْأُمُورِ الِاخْتِيَارِيَّةِ بِذَاتِهِ مَبْسُوطٌ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ.
(1 فَهَذَا قَوْلُ الْمُعْتَزِلَةِ وَالشِّيعَةِ الْمُوَافِقِينَ لَهُمْ، وَهُوَ قَوْلٌ بَاطِلٌ ; لِأَنَّ صِفَةَ الْإِلَهِ لَا يَجِبُ أَنْ تَكُونَ إِلَهًا، كَمَا أَنَّ صِفَةَ النَّبِيِّ لَا يَجِبُ أَنْ تَكُونَ نَبِيًّا 1) (¬1) .
¬_________
(¬1) (1 - 1) : سَاقِطٌ مِنْ (أ) ، (ب) .

الصفحة 129