كتاب منهاج السنة النبوية (اسم الجزء: 2)
وَإِذَا كَانَتْ صِفَةُ النَّبِيِّ الْمُحْدَثِ] (¬1) مُوَافِقَةً (¬2) لَهُ فِي الْحُدُوثِ، لَمْ يَلْزَمْ أَنْ تَكُونَ نَبِيًّا مِثْلَهُ، فَكَذَلِكَ صِفَةُ الرَّبِّ اللَّازِمَةُ لَهُ إِذَا كَانَتْ قَدِيمَةً بِقِدَمِهِ لَمْ يَلْزَمْ أَنْ تَكُونَ إِلَهًا مِثْلَهُ.
فَهَؤُلَاءِ مَذْهَبُهُمْ (¬3) نَفْيُ صِفَاتِ الْكَمَالِ (¬4) اللَّازِمَةِ لِذَاتِهِ، وَشُبْهَتُهُمُ الَّتِي أَشَارَ إِلَيْهَا (¬5) ، أَنَّهَا لَوْ كَانَتْ قَدِيمَةً لَكَانَ الْقَدِيمُ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدٍ، كَمَا يَقُولُ ابْنُ سِينَا وَأَمْثَالُهُ.
وَأَخَذَ ذَلِكَ ابْنُ سِينَا وَأَمْثَالُهُ مِنَ الْمُتَفَلْسِفَةِ عَنِ الْمُعْتَزِلَةِ، فَقَالُوا (¬6) : لَوْ كَانَ لَهُ صِفَةً وَاجِبَةً (¬7) لَكَانَ الْوَاجِبُ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدٍ، وَهَذَا تَلْبِيسٌ، فَإِنَّهُمْ إِنْ أَرَادُوا أَنْ يَكُونَ الْإِلَهُ الْقَدِيمُ، أَوِ الْإِلَهُ الْوَاجِبُ، أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدٍ، فَالتَّلَازُمُ (¬8) بَاطِلٌ، فَلَيْسَ يَجِبُ أَنْ تَكُونَ صِفَةُ الْإِلَهِ إِلَهًا، وَلَا صِفَةُ الْإِنْسَانِ إِنْسَانًا، وَلَا صِفَةُ النَّبِيِّ نَبِيًّا، [وَلَا صِفَةُ الْحَيَوَانِ حَيَوَانًا] (¬9) .
وَإِنْ أَرَادُوا أَنَّ الصِّفَةَ تُوصَفُ بِالْقِدَمِ (* كَمَا يُوصَفُ الْمَوْصُوفُ بِالْقِدَمِ، فَهُوَ كَقَوْلِ (¬10) الْقَائِلِ: تُوصَفُ صِفَةُ الْمُحْدَثِ بِالْحُدُوثِ *) (¬11) ، كَمَا يُوصَفُ الْمَوْصُوفُ بِالْحُدُوثِ.
¬_________
(¬1) مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) ، وَسَبَقَ أَنْ أَشَرْتُ إِلَى بِدَايَةِ السَّقْطِ (ص [0 - 9] 24) .
(¬2) ن، م: مُشَارِكَةً.
(¬3) ن، م: قَصْدُهُمْ.
(¬4) أ، ب: نَفِيُ صِفَاتِهِ.
(¬5) ن، م: وَشُبَهُهُمُ الَّتِي أَشَارُوا إِلَيْهَا.
(¬6) ن، م: وَأَخَذَ ابْنُ سِينَا ذَلِكَ مِنَ الْمُتَفَلْسِفَةِ فَقَالَ:. . . وَهُوَ تَحْرِيفٌ.
(¬7) ن: وَاحِدَةً، وَهُوَ خَطَأٌ.
(¬8) ن، م: فَاللَّازِمُ.
(¬9) : مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(¬10) ن: بِقَوْلِ.
(¬11) : مَا بَيْنَ النَّجْمَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (م) .
الصفحة 130