كتاب منهاج السنة النبوية (اسم الجزء: 2)
وَكَذَلِكَ إِذَا قِيلَ: تُوصَفُ بِالْوُجُوبِ (1 كَمَا يُوصَفُ الْمَوْصُوفُ بِالْوُجُوبِ 1) (¬1) ، فَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهَا (¬2) : تُوصَفُ بِوُجُوبٍ أَوْ قِدَمٍ أَوْ حُدُوثٍ (¬3) عَلَى سَبِيلِ الِاسْتِقْلَالِ، فَإِنَّ الصِّفَةَ لَا تَقُومُ بِنَفْسِهَا وَلَا تَسْتَقِلُّ بِذَاتِهَا، وَلَكِنَّ الْمُرَادَ أَنَّهَا (¬4) قَدِيمَةٌ وَاجِبَةٌ بِقُدُومِ الْمَوْصُوفِ وَوُجُوبِهِ، إِذَا عُنِيَ بِالْوَاجِبِ مَا لَا فَاعِلَ لَهُ، وَعُنِيَ بِالْقَدِيمِ (¬5) مَا لَا أَوَّلَ لَهُ، وَهَذَا حَقٌّ لَا مَحْذُورَ فِيهِ.
[وَقَدْ بُسِطَ الْكَلَامُ عَلَى هَذَا بَسْطًا مُسْتَوْفًى فِي مَوَاضِعَ، بَيْنَ مَا فِي لَفْظِ " وَاجِبِ الْوُجُودِ " وَ " الْقَدِيمِ " مِنَ الْإِجْمَالِ، وَشُبْهَةُ نُفَاةِ الصِّفَاتِ، وَهُوَ لَمْ يَذْكُرْ هُنَا إِلَّا شَيْئًا مُخْتَصَرًا، قَدْ ذَكَرْنَا مَا يُنَاسِبُ هَذَا الْمَوْضِعَ.
وَبَيَّنَّا فِي مَوْضِعَ آخَرَ أَنَّ لَفْظَ " الْقَدِيمِ " وَ " وَاجِبُ الْوُجُودِ " فِيهِ إِجْمَالٌ. فَإِذَا أُرِيدَ بِالْقَدِيمِ الْقَائِمُ بِنَفْسِهِ، أَوِ الْفَاعِلُ الْقَدِيمُ، أَوِ الرَّبُّ الْقَدِيمُ، وَنَحْوُ ذَلِكَ، فَالصِّفَةُ لَيْسَتْ قَدِيمَةً بِهَذَا الِاعْتِبَارِ، بَلْ هِيَ صِفَةُ الْقَدِيمِ. وَإِذَا أُرِيدَ مَالًا ابْتِدَاءً لَهُ، وَلَمْ يَسْبِقْهُ عَدَمٌ مُطْلَقًا فَالصِّفَةُ قَدِيمَةٌ.
وَكَذَلِكَ لَفْظُ " وَاجِبُ الْوُجُودِ " إِنْ أُرِيدَ بِهِ الْقَائِمُ بِنَفْسِهِ الْمَوْجُودُ بِنَفْسِهِ، فَالصِّفَةُ لَيْسَتْ وَاجِبَةٌ، بَلْ هِيَ صِفَةُ وَاجِبِ الْوُجُودِ، وَإِنْ أُرِيدَ مَا لَا فَاعِلَ لَهُ، أَوْ مَا لَيْسَ لَهُ عِلَّةٌ فَاعِلَةٌ، فَالصِّفَةُ وَاجِبَةُ الْوُجُودِ، وَإِنْ أُرِيدَ بِهِ مَالًا تَعَلَّقَ لَهُ بِغَيْرِهِ، فَلَيْسَ فِي الْوُجُودِ وَاجِبُ الْوُجُودِ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ، فَإِنَّ
¬_________
(¬1) (1 - 1) : سَاقِطٌ مِنْ (أ) ، (ب) .
(¬2) ن، م: بِهَا.
(¬3) عِبَارَةُ " أَوْ حُدُوثٍ ": سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) .
(¬4) ن، م: بِهَا.
(¬5) ن (فَقَطْ) : بِالْقِدَمِ.
الصفحة 131