كتاب منهاج السنة النبوية (اسم الجزء: 2)

وَتُدْرِكُ السَّخْلَةُ (¬1) صَدَاقَةُ أُمِّهَا، وَيَقُولُونَ: الْحُكْمُ الْفِطْرِيُّ الْمَوْجُودُ فِي قُلُوبِ بَنِي آدَمَ، بِامْتِنَاعِ وُجُودِ مِثْلِ هَذَا هُوَ حُكْمُ الْوَهْمِ لَا حُكْمَ الْعَقْلِ (¬2) ، فَإِنَّ حُكْمَ الْوَهْمِ إِنَّمَا يُقْبَلُ فِي الْمَحْسُوسَاتِ لَا فِيمَا لَيْسَ بِمَحْسُوسٍ (¬3) .
فَيُقَالُ لَهُمْ: إِنْ كَانَ هَذَا صَحِيحًا فَقَوْلُكُمْ: إِنَّهُ يَمْتَنِعُ أَنْ يَكُونَ فَوْقَ الْعَالَمِ وَلَيْسَ بِجِسْمٍ هُوَ أَيْضًا مِنْ حُكْمِ الْوَهْمِ ; لِأَنَّهُ حُكْمٌ فِيمَا لَيْسَ بِمَحْسُوسٍ عِنْدَكُمْ، وَكَذَلِكَ حُكْمُهُ بِأَنَّ كُلَّ مَا يُرَى (¬4) فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ بِجِهَةٍ مِنَ الرَّائِي هُوَ حُكْمُ الْوَهْمِ أَيْضًا.
وَكَذَلِكَ سَائِرُ مَا يَدَّعُونَ امْتِنَاعَهُ عَلَى الرَّبِّ [هُوَ] (¬5) مِثْلَ دَعْوَى امْتِنَاعِ كَوْنِهِ لَا مُبَايِنًا وَلَا مُحَايِثًا (¬6) ، فَإِنْ كَانَ حُكْمُ الْفِطْرَةِ بِهَذَا الِامْتِنَاعِ مَقْبُولًا فِي
¬_________
(¬1) فِي اللِّسَانِ: السَّخْلَةُ وَلَدُ الشَّاةِ مِنَ الْمَعَزِ وَالضَّأْنِ، ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى. . أَبُو زَيْدٍ: يُقَالُ لِوَلَدِ الْغَنَمِ سَاعَةَ تَضَعُهُ أُمُّهُ مِنَ الضَّأْنِ وَالْمَعِزِ جَمِيعًا، ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى، سَخْلَةٌ.
(¬2) ن: الْفِعْلِ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.
(¬3) يُعَرِّفُ ابْنُ سِينَا فِي كِتَابِهِ النَّجَاةِ (ج [0 - 9] ، ص [0 - 9] 63، نَشْرُ مُحْيِي الدِّينِ الْكُرْدِيِّ، الطَّبْعَةُ الثَّانِيَةُ 1357/1938) الْقُوَّةَ الْوَهْمِيَّةَ بِقَوْلِهِ: " ثُمَّ الْقُوَّةُ الْوَهْمِيَّةُ وَهِيَ قُوَّةٌ مُرَتَّبَةٌ فِي نِهَايَةِ التَّجْوِيفِ الْأَوْسَطِ مِنَ الدِّمَاغِ تُدْرِكُ الْمَعَانِيَ الْغَيْرَ مَحْسُوسَةٍ الْمَوْجُودَةَ فِي الْمَحْسُوسَاتِ الْجُزْئِيَّةِ كَالْقُوَّةِ الْحَاكِمَةِ بِأَنَّ الذِّئْبَ مَهْرُوبٌ مِنْهُ وَأَنَّ الْوَلَدَ مَعْطُوفٌ عَلَيْهِ ". وَانْظُرْ كِتَابَ الشِّفَاءِ، الْقِسْمَ الْخَاصَّ بِالنَّفْسِ، ج [0 - 9] ، ص [0 - 9] 60 - 161، 177 - 179، نَشْرُ يَانْ بَاكُوش، طَبْعُ الْمَجْمَعِ الْعِلْمِيِّ التِّشِكُوسْلُوفَاكِيِّ، بَرَاغ، 1956 مَبْحَثٌ عَنِ الْقُوَّةِ النَّفْسَانِيَّةِ، ضِمْنَ مَجْمُوعَةٍ بِعُنْوَانِ: أَحْوَالُ النَّفْسِ، نَشَرَهَا الدُّكْتُورُ أَحْمَد فُؤَاد الْأَهْوَانِي، ص [0 - 9] 66 - 167، الْقَاهِرَةِ، 1952.
(¬4) ن: كُلَّ مَنْ لَا يُرَى ; م: كُلَّ مَا لَا يُرَى، وَكِلَاهُمَا خَطَأٌ.
(¬5) هُوَ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) فَقَطْ.
(¬6) ن، م: مُجَانِبًا.

الصفحة 148