كتاب منهاج السنة النبوية (اسم الجزء: 2)
لَهَا، لَيْسَ فِيهَا مَا يَحْصُلُ (¬1) بَعْضُهُ مِنْ حُكْمِ الْوَهْمِ الْبَاطِلِ، وَبَعْضُهُ مِنْ حُكْمِ الْعَقْلِ الصَّادِقِ، وَإِنَّمَا يُعْلَمُ أَنَّ الْحُكْمَ مِنْ حُكْمِ الْوَهْمِ الْبَاطِلِ إِذَا عُرِفَ بُطْلَانُهُ، فَأَمَّا أَنْ يَدَّعِيَ بُطْلَانَهُ بِدَعْوَى كَوْنِهِ مِنْ حُكْمِ الْوَهْمِ، فَهَذَا غَيْرُ مُمْكِنٍ، [وَبَسْطُ هَذِهِ الْأُمُورِ لَهُ مَوْضِعٌ آخَرُ] (¬2) .
وَالْمَقْصُودُ هُنَا أَنَّ هَذَا الْمُبْتَدِعَ وَأَمْثَالَهُ مِنْ نُفَاةِ مَا أَثْبَتَهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ لِنَفْسِهِ مِنْ مَعَانِي الْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ مِنَ الْجَهْمِيَّةِ وَالْمُعْتَزِلَةِ، وَمَنْ وَافَقَهُمْ مِنَ الْمُتَفَلْسِفَةِ وَالرَّافِضَةِ [وَغَيْرِهِمْ] (¬3) ، لَا يَعْتَمِدُونَ فِيمَا يَقُولُونَهُ عَلَى دَلِيلٍ صَحِيحٍ لَا سَمْعِيٍ وَلَا عَقْلِيٍّ.
أَمَّا السَّمْعِيَّاتُ فَلَيْسَ مَعَهُمْ نَصٌّ وَاحِدٌ يَدُلُّ عَلَى قَوْلِهِمْ [لَا قَطْعًا وَلَا ظَاهِرًا] (¬4) ، وَلَكِنَّ نُصُوصَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ مُتَظَاهِرَةٌ عَلَى نَقِيضِ (¬5) قَوْلِهِمْ، وَدَالَّةٌ عَلَى ذَلِكَ أَعْظَمَ مِنْ دَلَالَتِهَا عَلَى الْمَعَادِ وَالْمَلَائِكَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا أَخْبَرَ اللَّهُ بِهِ رَسُولَهُ، وَلِهَذَا سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ (¬6) الدَّهْرِيَّةَ الْمُنْكِرُونَ لِلْقِيَامَةِ وَلِمَعَادِ الْأَبْدَانِ، وَقَالُوا: إِذَا جَازَ لَكُمْ أَنْ تَتَأَوَّلُوا مَا وَرَدَ فِي الصِّفَاتِ، جَازَ لَنَا أَنْ نَتَأَوَّلَ مَا وَرَدَ فِي الْمَعَادِ، وَقَدْ أَجَابُوهُمْ بِأَنَّا قَدْ عَلِمْنَا ذَلِكَ بِالِاضْطِرَارِ مِنْ دِينِ الرَّسُولِ.
¬_________
(¬1) ن (فَقَطْ) : مَا يَحْكُمُ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.
(¬2) مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(¬3) وَغَيْرِهِمْ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(¬4) مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(¬5) ن: بَعْضِ، وَهُوَ خَطَأٌ.
(¬6) أ، ب: وَلِهَذَا تَسَلَّطَ عَلَيْهِمْ ; م: وَلِهَذَا سُلِّطَ عَلَيْهِمْ.
الصفحة 152