كتاب منهاج السنة النبوية (اسم الجزء: 2)

بَلْ هِيَ بَاقِيَةٌ دَائِمَةٌ فِي الْمُسْتَقْبَلِ فِي الْكِتَابِ (¬1) وَالسُّنَّةِ وَإِجْمَاعِ سَلَفِ الْأُمَّةِ وَجُمْهُورِهَا (¬2) ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {أُكُلُهَا دَائِمٌ وَظِلُّهَا} [سُورَةُ الرَّعْدِ: 35] ، وَالْمُرَادُ دَوَامُ نَوْعِهِ (¬3) ، لَا دَوَامُ كُلِّ فَرْدٍ فَرْدٍ.
قَالَ تَعَالَى: {لَهُمْ فِيهَا نَعِيمٌ مُقِيمٌ} [سُورَةُ التَّوْبَةِ: 21] ، وَالْمُقِيمُ هُوَ نَوْعُهُ. وَقَالَ: {إِنَّ هَذَا لَرِزْقُنَا مَا لَهُ مِنْ نَفَادٍ} [سُورَةُ ص: 54] ، وَالْمُرَادُ أَنَّ نَوْعَهُ لَا يَنْفَدُ وَإِنْ كَانَ كُلُّ جُزْءٍ مِنْهُ يَنْفَدُ، أَيْ: يَنْقَضِي وَيَنْصَرِمُ (¬4) .
وَأَيْضًا فَإِنَّ ذَلِكَ يَسْتَلْزِمُ حُدُوثَ الْحَوَادِثِ بِلَا سَبَبٍ، وَذَلِكَ مُمْتَنِعٌ فِي صَرِيحِ الْعَقْلِ. وَهَذَا الدَّلِيلُ هُوَ أَصْلُ الْكَلَامِ الَّذِي ذَمَّهُ السَّلْفُ وَعَابُوهُ ; لِأَنَّهُمْ رَأَوْهُ بَاطِلًا لَا يُقِيمُ حَقًّا وَلَا يَهْدِمُ بَاطِلًا، [وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى هَذَا فِي مَسْأَلَةِ الْحُدُوثِ] (¬5) .
وَتَمَامُ كَشْفِ (¬6) ذَلِكَ أَنْ نَقُولَ فِي: الْوَجْهِ الْخَامِسِ (¬7) : إِنَّ النَّاسَ عَلَيْهِمْ أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ، فَيُصَدِّقُوهُ فِيمَا أَخْبَرَ، وَيُطِيعُوهُ فِيمَا أَمَرَ فَهَذَا أَصِلُ السَّعَادَةِ وَجِمَاعُهَا.
¬_________
(¬1) ن، م، أ: بِالْكِتَابِ.
(¬2) ن، م: وَإِجْمَاعِ الْأَئِمَّةِ.
(¬3) ن، م: دَوَامُ وُقُوعِهِ.
(¬4) أ، ب: وَيَتَصَرَّمُ.
(¬5) مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(¬6) كَشْفِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) .
(¬7) الْوَجْهِ الْخَامِسِ: كَذَا فِي (ب) ، (أ) ، (ن) ، (م) وَيَبْدُو أَنَّ ابْنَ تَيْمِيَّةَ يَصِلُ كَلَامَهُ هُنَا أَوَّلَ كَلَامِهِ فِي الْوَجْهِ الْخَامِسِ مِنَ الْوُجُوهِ الَّتِي رَدَّ بِهَا عَلَى الْقِسْمِ السَّابِقِ مِنْ كَلَامِ ابْنِ الْمُطَهَّرِ (ص [0 - 9] 7 - 99) وَأَوَّلُ الْوَجْهِ الْخَامِسِ فِي ص [0 - 9] 02 مِنْ هَذَا الْجُزْءِ.

الصفحة 154