كتاب منهاج السنة النبوية (اسم الجزء: 2)
فَيُقَالُ: هَبْ أَنَّكُمْ سَمَّيْتُمْ هَذَا تَرْكِيبًا (¬1) فَلَا دَلِيلَ لَكُمْ عَلَى نَفْيِهِ. وَمِنْ هَذَا الْوَجْهِ نَاظَرَهُمْ أَبُو حَامِدٍ الْغَزَالِيُّ فِي " التَّهَافُتِ ".
وَكَذَلِكَ لَفْظُ " الْجُزْءِ " يُرَادُ بِهِ بَعْضُ الشَّيْءِ الَّذِي رُكِّبَ مِنْهُ، كَأَجْزَاءِ الْمُرَكَّبَاتِ مِنَ الْأَطْعِمَةِ وَالنَّبَاتَاتِ وَالْأَبْنِيَةِ (¬2) ، وَبَعْضُهُ الَّذِي يُمْكِنُ [فَصْلُهُ] (¬3) عَنْهُ كَأَعْضَاءِ الْإِنْسَانِ، وَيُرَادُ بِهِ صِفَتُهُ اللَّازِمَةُ لَهُ كَالْحَيَوَانِيَّةِ لِلْحَيَوَانِ وَالْإِنْسَانِيَّةِ لِلْإِنْسَانِ وَالنَّاطِقِيَّةِ لِلنَّاطِقِ، وَيُرَادُ بِهِ بَعْضُهُ الَّذِي لَا يُمْكِنُ تَفْرِيقُهُ كَجُزْءِ الْجِسْمِ الَّذِي لَا يُمْكِنُ مُفَارَقَتُهُ لَهُ: إِمَّا الْجَوْهَرُ الْفَرْدُ، وَإِمَّا الْمَادَّةُ وَالصُّورَةُ عِنْدَ مَنْ يَقُولُ بِثُبُوتِ ذَلِكَ [وَيَقُولُ: إِنَّهُ] (¬4) لَا يُوجَدُ إِلَّا بِوُجُودِ الْجِسْمِ، وَإِمَّا غَيْرُ ذَلِكَ عِنْدَ مَنْ لَا يَقُولُ بِذَلِكَ.
فَإِنَّ النَّاسَ مُتَنَازِعُونَ فِي الْجِسْمِ: هَلْ هُوَ مُرَكَّبٌ مِنَ الْمَادَّةِ وَالصُّورَةِ، أَوْ مِنَ الْجَوَاهِرِ الْمُنْفَرِدَةِ، أَوْ لَا مِنْ هَذَا [وَلَا مِنْ هَذَا] (¬5) ؟ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ. وَأَكْثَرُ الْعُقَلَاءِ عَلَى الْقَوْلِ الثَّالِثِ كَالْهِشَامِيَّةِ وَالنَّجَّارِيَّةِ وَالضِّرَارِيَّةِ وَالْكُلَّابِيَّةِ [وَالْأَشْعَرِيَّةِ] (¬6) وَكَثِيرٍ مِنَ الْكَرَّامِيَّةِ، وَكَثِيرٍ مِنْ أَهْلِ الْفِقْهِ وَالْحَدِيثِ وَالتَّصَوُّفِ وَالْمُتَفَلْسِفَةِ وَغَيْرِهِمْ.
وَالْمَقْصُودُ هُنَا أَنَّ لَفْظَ " الْجُزْءِ " (¬7) لَهُ عِدَّةُ مَعَانٍ بِحَسَبِ
¬_________
(¬1) ن، م: مُرَكَّبًا.
(¬2) ن، م: مِنَ الْأَطْعِمَةِ وَالْأَبْنِيَةِ وَالثِّيَابِ.
(¬3) فَصْلُهُ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(¬4) وَيَقُولُ إِنَّهُ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) .
(¬5) وَلَا مِنْ هَذَا: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) .
(¬6) وَالْأَشْعَرِيَّةِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(¬7) ن، م: الْحَرَكَةِ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ مِنَ النَّاسِخِ.
الصفحة 165