كتاب منهاج السنة النبوية (اسم الجزء: 2)
الِاصْطِلَاحَاتِ.
وَكَذَلِكَ لَفْظُ " الْغَيْرِ يُرَادُ بِهِ مَا بَايَنَ (¬1) الشَّيْءَ، فَصِفَةُ الْمَوْصُوفِ وَجُزْؤُهُ لَيْسَ غَيْرًا لَهُ بِهَذَا الِاصْطِلَاحِ، وَهَذَا هُوَ الْغَالِبُ عَلَى الْكُلَّابِيَّةِ وَالْأَشْعَرِيَّةِ، وَكَثِيرٍ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَالتَّصَوُّفِ، وَالْفُقَهَاءِ أَتْبَاعِ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ، وَكَثِيرٍ مِنَ الشِّيعَةِ.
وَقَدْ يَقُولُونَ: الْغَيْرَانُ مَا جَازَ مُفَارَقَةُ أَحَدِهِمَا الْآخَرَ (¬2) بِزَمَانٍ أَوْ مَكَانٍ أَوْ وُجُودٍ، وَقَدْ يُرَادُ بِلَفْظِ " الْغَيْرِ " (¬3) مَا لَمْ يَكُنْ هُوَ الْآخَرَ، وَهَذَا هُوَ الْغَالِبُ عَلَى اصْطِلَاحِ الْمُعْتَزِلَةِ وَالْكَرَّامِيَّةِ وَمَنْ وَافَقَهُمْ مِنَ الشِّيعَةِ وَالْفَلَاسِفَةِ.
وَكَذَلِكَ لَفْظُ " الِافْتِقَارِ " يُرَادُ بِهِ [التَّلَازُمُ] (¬4) ، وَيُرَادُ بِهِ افْتِقَارُ الْمَعْلُولِ إِلَى عِلَّتِهِ الْفَاعِلَةِ، وَيُرَادُ بِهِ افْتِقَارُهُ إِلَى مَحَلِّهِ وَعِلَّتِهِ الْقَابِلَةِ (¬5) .
وَهَذَا اصْطِلَاحُ الْمُتَفَلْسِفَةِ الَّذِينَ يُقَسِّمُونَ لَفْظَ الْعِلَّةِ إِلَى: (* فَاعِلِيَّةٍ وَغَائِيَّةٍ وَمَادِّيَّةٍ وَصُورِيَّةٍ، وَيَقُولُونَ: الْمَادَّةُ - وَهِيَ الْقَابِلُ - وَالصُّورَةُ هُمَا عِلَّتَا الْمَاهِيَّةِ *) (¬6) ، وَالْفَاعِلُ وَالْغَايَةُ هُمَا عِلَّتَا وُجُودِ الْحَقِيقَةِ، وَأَمَّا سَائِرُ النُّظَّارِ فَلَا يُسَمُّونَ الْمَحَلَّ الَّذِي هُوَ الْقَابِلُ عِلَّةً.
[مناقشة الحجة الَّتِي احْتَجَّ بِهَا هَؤُلَاءِ الْفَلَاسِفَةُ وَمَنْ وَافَقَهُمْ عَلَى نَفْيِ الصِّفَاتِ]
فَهَذِهِ الْحُجَّةُ الَّتِي احْتَجَّ بِهَا هَؤُلَاءِ الْفَلَاسِفَةُ وَمَنْ وَافَقَهُمْ عَلَى نَفْيِ الصِّفَاتِ، مُؤَلَّفَةٌ مِنْ أَلْفَاظٍ مُجْمَلَةٍ.
فَإِذَا قَالُوا: " لَوْ كَانَ مَوْصُوفًا بِالْعِلْمِ وَالْقُدْرَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنَ الصِّفَاتِ
¬_________
(¬1) ن، م: مَا يُبَايِنُ.
(¬2) ن، م: لِلْآخَرِ.
(¬3) ن، م: الْغَيْرَيْنِ.
(¬4) التَّلَازُمُ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) .
(¬5) ن، م: الْمُقَابِلَةِ.
(¬6) الْكَلَامُ الْمُقَابِلُ لِهَذِهِ الْعِبَارَاتِ فِي نُسْخَتِي (ن) ، (م) نَاقِصٌ وَمُضْطَرِبٌ.
الصفحة 166