كتاب منهاج السنة النبوية (اسم الجزء: 2)

{وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ} [سُورَةُ التَّوْبَةِ: 60] ، وَقَوْلُهُ: {وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [سُورَةُ الْأَنْفَالِ: 63] ، وَقَوْلُهُ: {إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا} [سُورَةُ آلِ عِمْرَانَ: 103] .
وَلِلنَّاسِ اصْطِلَاحَاتٌ فِي الْمُؤَلَّفِ وَالْمُرَكَّبِ، كَمَا لِلنُّحَاةِ اصْطِلَاحٌ، فَقَدْ يَعْنُونَ بِذَلِكَ الْجُمْلَةَ التَّامَّةَ، وَقَدْ يَعْنُونَ بِهِ (¬1) مَا رُكِّبَ تَرْكِيبَ مَزْجٍ كَبَعْلَبَكَّ، وَقَدْ يَعْنُونَ بِهِ الْمُضَافَ وَمَا يُشْبِهُهُ وَهُوَ مَا يُنْصَبُ فِي النِّدَاءِ.
وَلِلْمَنْطِقِيِّينَ وَنَحْوِهِمْ مِنْ أَهْلِ الْكَلَامِ اصْطِلَاحَاتٌ أُخَرُ يَعْنُونَ بِهِ مَا دَلَّ جُزْؤُهُ عَلَى جُزْءِ مَعْنَاهُ، فَيَدْخُلُ فِي ذَلِكَ الْمُضَافُ إِذَا قُصِدَ بِهِ الْإِضَافَةُ دُونَ الْعَلَمِيَّةِ، فَلَا (¬2) يَدْخُلُ فِيهِ بَعْلَبَكَّ وَنَحْوُهُ.
وَمِنْهُمْ مَنْ يُسَوِّي بَيْنَ الْمُؤَلَّفِ وَالْمُرَكَّبِ وَمِنْهُمْ مَنْ يُفَرِّقُ بَيْنَهُمَا، وَهَذَا كُلُّهُ تَأْلِيفٌ فِي الْأَقْوَالِ.
وَأَمَّا التَّأْلِيفُ فِي الْأَعْيَانِ، فَأُولَئِكَ إِذَا قَالُوا: [إِنَّ] (¬3) الْجِسْمَ هُوَ الْمُؤَلَّفُ وَالْمُرَكَّبُ، لَمْ يَعْنُوا (¬4) بِهِ مَا كَانَ مُفْتَرِقًا فَاجْتَمَعَ وَلَا مَا يَقْبَلُ التَّفْرِيقَ، بَلْ يَعْنُونَ بِهِ مَا تَمَيَّزَ مِنْهُ جَانِبٌ عَنْ جَانِبٍ، كَالشَّمْسِ وَالْقَمَرِ وَغَيْرِهِمَا مِنَ الْأَجْسَامِ.
وَأَمَّا الْمُتَفَلْسِفَةُ فَالْمُؤَلَّفُ وَالْمُرَكَّبُ عِنْدَهُمْ (¬5) أَعَمُّ مِنْ هَذَا، يُدْخِلُونَ
¬_________
(¬1) بِهِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) .
(¬2) أ، ب: وَلَا.
(¬3) إِنَّ: زِيَادَةٌ فِي (أ) ، (ب) .
(¬4) أ: يَعْنُوا، ب: لَا يَعْنُونَ ; م: لَمْ يَعْنُونَ.
(¬5) ن، م: فَالْمُؤَلَّفُ عِنْدَهُمْ وَالْمُرَكَّبُ.

الصفحة 201