كتاب منهاج السنة النبوية (اسم الجزء: 2)

[سُورَةُ الْمَائِدَةِ: 3] ، وَبَدَّلَهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا، لَهُمْ مِنْهُ الْمَغْفِرَةُ (¬1) . وَالْأَجْرُ الْعَظِيمُ.
وَهَذَا يُسْتَدَلُّ بِهِ مِنْ وَجْهَيْنِ: يُسْتَدَلُّ بِهِ (¬2) . عَلَى أَنَّ الْمُسْتَخْلَفِينَ مُؤْمِنُونَ عَمِلُوا الصَّالِحَاتِ (¬3) . ; لِأَنَّ الْوَعْدَ لَهُمْ لَا لِغَيْرِهِمْ، وَيُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى أَنَّ هَؤُلَاءِ مَغْفُورٌ لَهُمْ، وَلَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ (¬4) . عَظِيمٌ ; لِأَنَّهُمْ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَتَنَاوَلَتْهُمُ الْآيَتَانِ: آيَةُ النُّورِ وَآيَةُ الْفَتْحِ.
وَمِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّ هَذِهِ النُّعُوتَ مُنْطَبِقَةٌ عَلَى الصَّحَابَةِ عَلَى زَمَنِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ، فَإِنَّهُ إِذْ ذَاكَ حَصَلَ الِاسْتِخْلَافُ، وَتَمَكَّنَ الدِّينُ وَالْأَمْنُ بَعْدَ الْخَوْفِ، لَمَّا قَهَرُوا فَارِسَ وَالرُّومَ، وَفَتَحُوا الشَّامَ وَالْعِرَاقَ وَمِصْرَ وَخُرَاسَانَ وَإِفْرِيقِيَّةَ، وَلَمَّا قُتِلَ عُثْمَانُ وَحَصَلَتِ الْفِتْنَةُ لَمْ يَفْتَحُوا شَيْئًا مِنْ بِلَادِ الْكُفَّارِ، بَلْ طَمِعَ فِيهِمُ الْكُفَّارُ بِالشَّامِ وَخُرَاسَانَ، وَكَانَ بَعْضُهُمْ يَخَافُ بَعْضًا.
وَحِينَئِذٍ فَقَدَ دَلَّ الْقُرْآنُ عَلَى إِيمَانِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ، وَمَنْ كَانَ مَعَهُمْ فِي زَمَنِ الِاسْتِخْلَافِ وَالتَّمْكِينِ وَالْأَمْنِ. وَالَّذِينَ كَانُوا فِي زَمَنِ الِاسْتِخْلَافِ وَالتَّمْكِينِ وَالْأَمْنِ، وَأَدْرَكُوا زَمَنَ الْفِتْنَةِ - كَعَلِيٍّ وَطَلْحَةَ وَالزُّبَيْرِ وَأَبِي مُوسَى [الْأَشْعَرِيِّ] (¬5) . وَمُعَاوِيَةَ وَعَمْرِو بْنِ الْعَاصِ - دَخَلُوا فِي الْآيَةِ ; لِأَنَّهُمُ اسْتُخْلِفُوا وَمُكِّنُوا وَأَمِنُوا.
¬_________
(¬1) أ، ب: وَبَدَّلَهُمْ بَعْدَ خَوْفِهِمْ آمِنًا لَهُمُ الْمَغْفِرَةَ (فِي أ: لَهُمْ مِنَ الْمَغْفِرَةِ)
(¬2) يُسْتَدَلُّ بِهِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب)
(¬3) ن، م: عَمِلُوا عَمَلًا صَالِحًا
(¬4) أ، ب: وَلَهُمْ أَجْرٌ
(¬5) الْأَشْعَرِيِّ: لَيْسَتْ فِي (ن)

الصفحة 37