كتاب منهاج السنة النبوية (اسم الجزء: 2)
فَإِنَّ الْجِنْسَ الْكُلِّيَّ هُوَ مَا لَا يَمْنَعُ تَصَوُّرُهُ مِنْ وُقُوعِ الشَّرِكَةِ فِيهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُشْتَرَكًا فِيهِ فِي الْوُجُودِ، فَإِذَا كَانَتْ " مِنْ " لِبَيَانِ الْجِنْسِ (* كَانَ التَّقْدِيرُ: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا} مِنْ هَذَا الْجِنْسِ، وَإِنْ كَانَ الْجِنْسُ كُلُّهُمْ مُؤْمِنِينَ *) (¬1) . مُصْلِحِينَ (¬2) .
وَكَذَلِكَ إِذَا قَالَ: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} مِنْ هَذَا الْجِنْسِ وَالصِّنْفِ {مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا} لَمْ يَمْنَعْ ذَلِكَ أَنَّ يَكُونَ جَمِيعُ هَذَا الْجِنْسِ مُؤْمِنِينَ صَالِحِينَ (¬3) .
وَلَمَّا قَالَ لِأَزْوَاجِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحًا نُؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ وَأَعْتَدْنَا لَهَا رِزْقًا كَرِيمًا} [سُورَةُ الْأَحْزَابِ: 31] (¬4) ، لَمْ يَمْنَعْ أَنْ يَكُونَ كُلٌّ مِنْهُنَّ تَقْنُتُ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلُ صَالِحًا.
وَلَمَّا قَالَ تَعَالَى: {وَإِذَا جَاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِنَا فَقُلْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءًا بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [سُورَةُ الْأَنْعَامِ: 54] ، لَمْ يَمْنَعْ هَذَا (¬5) . أَنْ يَكُونَ كُلٌّ مِنْهُمْ مُتَّصِفًا بِهَذِهِ الصِّفَةِ، وَيَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: إِنَّهُمْ لَوْ عَمِلُوا سُوءًا بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابُوا مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحُوا لَمْ يَغْفِرْ إِلَّا لِبَعْضِهِمْ.
¬_________
(¬1) مَا بَيْنَ النَّجْمَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (م)
(¬2) ب (فَقَطْ) : صَالِحِينَ
(¬3) م: مُصْلِحِينَ.
(¬4) عِبَارَةُ " وَأَعْتَدْنَا لَهَا رِزْقًا كَرِيمًا ": لَيْسَتْ فِي (ن) ، (م)
(¬5) هَذَا: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب)
الصفحة 39