كتاب منهاج السنة النبوية (اسم الجزء: 2)
وَإِذَا كَانَ مُنَازِعُوهُ مَنْ (لَا) يَنْفِي (¬1) التَّرْكِيبَ مِنْ هَذَا وَهَذَا، فَالْفَرِيقَانِ مُتَّفِقَانِ عَلَى تَنْزِيهِ الرَّبِّ عَنْ ذَلِكَ، لَكِنَّ أَحَدَهُمَا يَقُولُ: نَفْيُ لَفْظِ (¬2) الْجِسْمِ لَا يُفِيدُ هَذَا التَّنْزِيهَ، وَإِنَّمَا يُفِيدُهُ لَفْظُ التَّرْكِيبِ وَنَحْوُهُ (¬3) ، وَالْآخَرُ يَقُولُ: بَلْ (نَفْيُ) (¬4) لَفْظِ الْجِسْمِ يُفِيدُ هَذَا التَّنْزِيهَ.
وَمَنْ قَالَ: هُوَ جِسْمٌ، فَالْمَشْهُورُ عَنْ نُظَّارِ الْكَرَّامِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ مِمَّنْ يَقُولُ: هُوَ جِسْمٌ، أَنَّهُ يُفَسِّرُ ذَلِكَ بِأَنَّهُ الْمَوْجُودُ أَوِ الْقَائِمُ بِنَفْسِهِ، لَا بِمَعْنَى الْمُرَكَّبِ.
وَقَدِ اتَّفَقَ النَّاسُ عَلَى أَنَّ مَنْ قَالَ: إِنَّهُ جِسْمٌ، وَأَرَادَ هَذَا الْمَعْنَى، فَقَدْ أَصَابَ فِي الْمَعْنَى، لَكِنْ إِنَّمَا يُخَطِّئُهُ مَنْ يُخَطِّئُهُ فِي اللَّفْظِ.
أَمَّا مَنْ يَقُولُ: الْجِسْمُ هُوَ الْمُرَكَّبُ، فَيَقُولُ: أَخْطَأْتَ (حَيْثُ) (¬5) اسْتَعْمَلْتَ لَفْظَ " الْجِسْمِ " فِي الْقَائِمِ بِنَفْسِهِ أَوِ الْمَوْجُودِ.
وَأَمَّا مَنْ (لَا) (¬6) يَقُولُ بِأَنَّ كُلَّ جِسْمٍ مُرَكَّبٍ، فَيَقُولُ: تَسْمِيَتُكَ لِكُلِّ مَوْجُودٍ أَوْ قَائِمٍ بِنَفْسِهِ جِسْمًا لَيْسَ هُوَ مُوَافِقًا لِلُغَةِ الْعَرَبِ الْمَعْرُوفَةِ، وَلَا تَكَلَّمَ بِهَذَا اللَّفْظِ أَحَدٌ مِنَ السَّلَفِ وَالْأَئِمَّةِ، وَلَا قَالُوا (¬7) : إِنَّ اللَّهَ جِسْمٌ،
¬_________
(¬1) ب، أ: مِمَّنْ يَنْفِي، وَالصَّوَابُ مَا فِي (ع) ، وَالْمَقْصُودُ هُنَا مَنْ أَثْبَتَ الْجَوَاهِرَ الْفَرْدَةَ مِثْلُ الْأَشَاعِرَةِ، أَوِ الْمَادَّةَ وَالصُّورَةَ مِثْلُ الْفَلَاسِفَةِ فَإِنَّهُمْ جَمِيعًا مُتَّفِقُونَ عَلَى تَنْزِيهِ الرَّبِّ عَنِ الْجِسْمِيَّةِ.
(¬2) لَفْظِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ب) ، (أ) .
(¬3) ب، أ: وَإِنَّمَا يُفِيدُهُ لَفْظُ هَذَا التَّرْكِيبِ وَنَحْوُهُ ; ع: وَإِنَّمَا يُفِيدُ لَفْظَ التَّرْكِيبِ وَنَحْوَهُ. وَرَجَّحْتُ أَنْ يَكُونَ الصَّوَابُ مَا أَثْبَتُّهُ.
(¬4) مَا بَيْنَ الْقَوْسَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ب) ، (أ) .
(¬5) مَا بَيْنَ الْقَوْسَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ب) ، (أ) .
(¬6) مَا بَيْنَ الْقَوْسَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ب) ، (أ) .
(¬7) ع: وَقَالُوا.
الصفحة 548