كتاب منهاج السنة النبوية (اسم الجزء: 2)
[الْوَجْهُ الرَّابِعُ أَنْ يُقَالَ أَهْلُ السُّنَّةِ مَعَ الرَّافِضَةِ كَالْمُسْلِمِينَ مَعَ النَّصَارَى]
، فَإِنَّ الْمُسْلِمِينَ يُؤْمِنُونَ بِأَنَّ الْمَسِيحَ عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ، وَلَا يَغْلُونَ فِيهِ غُلُوَّ النَّصَارَى، وَلَا يَجْفُونَ جَفَاءَ الْيَهُودِ. وَالنَّصَارَى تَدَّعِي فِيهِ الْإِلَهِيَّةَ، وَتُرِيدُ أَنْ تُفَضِّلَهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى، بَلْ تُفَضِّلَ الْحَوَارِيِّينَ عَلَى هَؤُلَاءِ الرُّسُلِ، كَمَا تُرِيدُ الرَّوَافِضُ أَنْ تُفَضِّلَ مَنْ قَاتَلَ مَعَ عَلِيٍّ كَمُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ وَالْأَشْتَرِ النَّخَعِيِّ، عَلَى أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَجُمْهُورِ الصَّحَابَةِ مِنْ (¬1) الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ، فَالْمُسْلِمُ إِذَا نَاظَرَ النَّصْرَانِيَّ لَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَقُولَ فِي عِيسَى إِلَّا الْحَقَّ، لَكِنْ إِذَا أَرَدْتَ أَنْ تَعْرِفَ جَهْلَ النَّصْرَانِيِّ (¬2) وَأَنَّهُ لَا حُجَّةَ لَهُ، فَقَدِّرِ الْمُنَاظَرَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْيَهُودِيِّ (¬3) ; فَإِنَّ النَّصْرَانِيَّ لَا يُمْكِنُهُ أَنْ يُجِيبَ عَنْ شُبْهَةِ الْيَهُودِيِّ إِلَّا بِمَا يُجِيبُ بِهِ الْمُسْلِمُ ; فَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ فِي دِينِ الْإِسْلَامِ وَإِلَّا كَانَ مُنْقَطِعًا مَعَ الْيَهُودِيِّ، فَإِنَّهُ إِذَا أُمِرَ (¬4) بِالْإِيمَانِ بِمُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَإِنْ قَدَحَ فِي نُبُوَّتِهِ بِشَيْءٍ مِنَ الْأَشْيَاءِ، لَمْ يُمْكِنْهُ أَنْ يَقُولَ شَيْئًا إِلَّا قَالَ لَهُ الْيَهُودِيُّ (¬5) فِي الْمَسِيحِ مَا هُوَ أَعْظَمُ مِنْ ذَلِكَ، فَإِنَّ الْبَيِّنَاتِ لِمُحَمَّدٍ أَعْظَمُ مِنَ الْبَيِّنَاتِ لِلْمَسِيحِ، وَبُعْدَ أَمْرِ مُحَمَّدٍ (¬6) عَنِ الشُّبْهَةِ أَعْظَمُ مِنْ بُعْدِ الْمَسِيحِ عَنْ
¬_________
(¬1) عِبَارَةُ " الصَّحَابَةِ مِنْ ": سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) .
(¬2) ن، م: النَّصَارَى.
(¬3) أ، ب: الْيَهُودُ.
(¬4) ن: أَمِنَ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.
(¬5) أ: إِلَّا قَالَهُ الْيَهُودِيُّ ; ب: إِلَّا قَالَ الْيَهُودِيُّ.
(¬6) أب: وَبُعْدَ أَمْرِهِ.
الصفحة 55