كتاب منهاج السنة النبوية (اسم الجزء: 2)

صَحِيحٌ، (مَعَ أَنَّ بَعْضَ أَهْلِ اللُّغَةِ أَنْكَرُوا هَذَا) (¬1) . وَأَمَّا دَعْوَاكُمْ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ هَذَا (¬2) لِأَنَّ الْجِسْمَ مُرَكَّبٌ مِنَ الْأَجْزَاءِ الْمُفْرَدَةِ، وَكُلُّ مَا يُشَارُ إِلَيْهِ فَهُوَ مُرَكَّبٌ فَيُسَمُّونَهُ جِسْمًا، فَهَذِهِ دَعْوَى بَاطِلَةٌ عَلَيْهِمْ مِنْ وُجُوهٍ: أَحَدُهَا: أَنَّهُ قَدْ عُلِمَ (¬3) بِنَقْلِ الثِّقَاتِ عَنْهُمُ وَالِاسْتِعْمَالِ الْمَوْجُودِ فِي كَلَامِهِمْ أَنَّهُمْ لَا يُسَمُّونَ كُلَّ مَا يُشَارُ إِلَيْهِ جِسْمًا، وَلَا يَقُولُونَ لِلْهَوَاءِ اللَّطِيفِ جِسْمًا، (¬4) وَإِنَّمَا يَسْتَعْمِلُونَ لَفْظَ " الْجِسْمِ " كَمَا يَسْتَعْمِلُونَ لَفْظَ الْجَسَدِ، وَهَكَذَا نَقَلَ عَنْهُمْ أَهْلُ الْعِلْمِ بِلِسَانِهِمْ كَالْأَصْمَعِيِّ وَأَبِي زَيْدٍ الْأَنْصَارِيِّ وَغَيْرِهِمَا، كَمَا (¬5) نَقْلَهُ الْجَوْهَرِيُّ فِي " صِحَاحِهِ " وَغَيْرُ الْجَوْهَرِيِّ، (¬6) فَلَفْظُ " الْجِسْمِ " عِنْدَهُمْ يَتَضَمَّنُ مَعْنَى الْغِلَظِ وَالْكَثَافَةِ، لَا مَعْنَى كَوْنِهِ يُشَارُ إِلَيْهِ.

الْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّهُمْ لَمْ يَقْصِدُوا بِذَلِكَ كَوْنَهُ مُرَكَّبًا مِنَ الْجَوَاهِرِ الْمُفْرَدَةِ (¬7) أَوْ مِنَ الْمَادَّةِ وَالصُّورَةِ، بَلْ لَمْ يَخْطُرْ هَذَا بِقُلُوبِهِمْ، بَلْ إِنَّمَا قَصَدُوا مَعْنَى الْكَثَافَةِ وَالْغِلَظِ. وَأَمَّا كَوْنُ الْكَثَافَةِ وَالْغِلَظِ تَكُونُ بِسَبَبِ كَثْرَةِ الْجَوَاهِرِ الْمُفْرَدَةِ، (¬8) أَوْ بِسَبَبِ كَوْنِ الشَّيْءِ فِي نَفْسِهِ غَلِيظًا كَثِيفًا، كَمَا يَكُونُ حَارًّا وَبَارِدًا وَإِنْ لَمْ تَكُنْ حَرَارَتُهُ وَبُرُودَتُهُ (¬9) بِسَبَبِ كَوْنِهِ مُرَكَّبًا مِنَ
¬_________
(¬1) مَا بَيْنَ الْقَوْسَيْنِ فِي (ع) فَقَطْ.
(¬2) هَذَا: سَاقِطَةٌ مِنْ (ب) ، (أ) .
(¬3) ب، أ: أَنَّهُ قَدْ عُلِمَ مِنْ وُجُوهٍ. . . إِلَخْ.
(¬4) ب (فَقَطْ) : جِسْمٌ، وَهُوَ خَطَأٌ.
(¬5) كَمَا: سَاقِطَةٌ مِنْ (ب) ، (أ) .
(¬6) انْظُرْ مَا سَبَقَ 2/525 (ت 3، 4) .
(¬7) ب (فَقَطْ) : الْفَرْدَةِ.
(¬8) ب (فَقَطْ) : الْفَرْدَةِ.
(¬9) وَبُرُودَتُهُ: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) .

الصفحة 550