كتاب منهاج السنة النبوية (اسم الجزء: 2)
فَمَحَلُّ الْعِلْمِ لَا يَنْقَسِمُ، لِأَنَّ مَا يَنْقَسِمُ لَا يَحِلُّ فِي مُنْقَسِمٍ. (¬1) \ 1975. وَقَدْ بُسِطَ الْكَلَامُ عَلَى هَذَا فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ، وَبُيِّنَ بَعْضُ مَا فِي هَذَا الْكَلَامِ مِنَ الْغَلَطِ، مَعَ أَنَّ هَذَا عِنْدَهُمْ هُوَ الْبُرْهَانُ الْقَاطِعُ الَّذِي لَا يُمْكِنُ نَقْضُهُ. وَقَوَّاهُمْ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ بَعْضَ مَنْ عَارَضَهُمْ كَأَبِي حَامِدٍ وَالرَّازِيِّ لَمْ يُجِيبُوا عَنْهُ بِجَوَابٍ شَافٍ، بَلْ أَبُو حَامِدٍ قَدْ يُوَافِقُهُمْ عَلَى ذَلِكَ.
وَمَنْشَأُ النِّزَاعِ إِثْبَاتُ مَا لَا يَنْقَسِمُ بِالْمَعْنَى الَّذِي أَرَادُوهُ فِي الْوُجُودِ الْخَارِجِيِّ.
فَيُقَالُ لَهُمْ: لَا نُسَلِّمُ أَنَّ فِي الْوُجُودِ مَا لَا يَتَمَيَّزُ مِنْهُ شَيْءٌ عَنْ شَيْءٍ. فَإِذَا قَالُوا: النُّقْطَةُ؟ قِيلَ لَهُمْ: النُّقْطَةُ وَالْخَطُّ وَالسَّطْحُ الْوَاحِدُ وَالِاثْنَانِ وَالثَّلَاثَةُ: قَدْ يُرَادُ بِهَا هَذِهِ الْمَقَادِيرُ مُجَرَّدَةً عَنْ مَوْصُوفَاتِهَا، وَقَدْ يُرَادُ بِهَا مَا اتُّصِفَ بِهَا (مِنَ) (¬2) الْمُقَدَّرَاتِ فِي الْخَارِجِ.
فَإِذَا أُرِيدَ الْأَوَّلُ فَلَا وُجُودَ لَهَا إِلَّا فِي الْأَذْهَانِ لَا فِي الْأَعْيَانِ، فَلَيْسَ فِي الْخَارِجِ عَدَدٌ مُجَرَّدٌ عَنِ الْمَعْدُودِ، وَلَا مِقْدَارٌ مُجَرَّدٌ عَنِ الْمُقَدَّرِ (¬3) : لَا نُقْطَةٌ وَلَا خَطٌّ وَلَا سَطْحٌ وَلَا وَاحِدٌ وَلَا اثْنَانِ وَلَا ثَلَاثَةٌ بَلِ الْمَوْجُودَاتُ
¬_________
(¬1) انْظُرْ كِتَابَ الشِّفَاءِ لِابْنِ سِينَا، الْفَنَّ السَّادِسِ مِنَ الطَّبِيعِيَّاتِ 1 وَمَا بَعْدَهَا، ط بَرَاغْ، تِشِيكُوسُلُوفَاكْيَا، 1956 ص [0 - 9] 87 وَمَا بَعْدَهَا، ط. الْهَيْئَةِ الْعَامَّةِ لِلْكِتَابِ، تَحْقِيقَ جُورْج قَنَوَاتِي، سَعِيد زَايِد، الْقَاهِرَةَ، 1395
(¬2) (مِنَ) : لَيْسَتْ فِي الْأَصْلِ وَزِدْتُهَا لِيَسْتَقِيمَ الْكَلَامُ.
(¬3) فِي الْأَصْلِ: مُقَدَّرًا مُجَرَّدًا عَنِ الْمُقَدَّرِ، وَلَعَلَّ الصَّوَابَ مَا أَثْبَتُّهُ.
الصفحة 576