كتاب منهاج السنة النبوية (اسم الجزء: 2)

فَاعِلٍ، فَلَا يُسَمِّيهِ بِاسْمٍ يُسَمَّى بِهِ الْعَبْدُ (¬1) ] (¬2) . وَذَهَبَ أَبُو الْعَبَّاسِ النَّاشِئُ (¬3) إِلَى ضِدِّ ذَلِكَ فَقَالَ: إِنَّهَا حَقِيقَةٌ لِلرَّبِّ مُجَازٌ لِلْعَبْدِ (¬4) .
وَزَعَمَ ابْنُ حَزْمٍ أَنَّ أَسْمَاءَ اللَّهِ تَعَالَى الْحُسْنَى لَا تَدُلُّ عَلَى الْمَعَانِي، فَلَا يَدُلُّ عَلِيمٌ عَلَى عِلْمٍ، وَلَا قَدِيرٌ عَلَى قُدْرَةٍ، بَلْ هِيَ أَعْلَامٌ
¬_________
(¬1) قَالَ الشَّهْرَسْتَانِيُّ (الْمِلَلَ وَالنِّحَلَ 1/79) عَنِ الْجَهْمِ: " وَافَقَ الْمُعْتَزِلَةَ فِي نَفْيِ الصِّفَاتِ الْأَزَلِيَّةِ وَزَادَ عَلَيْهِمْ بِأَشْيَاءَ: مِنْهَا قَوْلُهُ: لَا يَجُوزُ أَنْ يُوصَفَ الْبَارِي تَعَالَى بِصِفَةٍ يُوصَفُ بِهَا خَلْقُهُ لِأَنَّ ذَلِكَ يَقْتَضِي تَشْبِيهًا، فَنَفَى كَوْنَهُ حَيًّا عَالِمًا، وَأَثْبَتَ كَوْنَهُ قَادِرًا فَاعِلًا خَالِقًا، لِأَنَّهُ لَا يُوصَفُ شَيْءٌ مِنْ خَلْقِهِ بِالْقُدْرَةِ وَالْفِعْلِ وَالْخَلْقِ ".
(¬2) مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ فِي (ع) فَقَطْ.
(¬3) أَبُو الْعَبَّاسِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَالِكٍ النَّاشِئُ الْأَنْبَارِيُّ، كَانَ يُقَالُ لَهُ ابْنُ شَرْشِيرَ، وَتُوُفِّيَ سَنَةَ 293 قَالَ ابْنُ حَجَرٍ (لِسَانَ الْمِيزَانِ 3/334) : " كَانَ مِنْ أَهْلِ الْأَنْبَارِ وَنَزَلَ بَغْدَادَ ثُمَّ انْتَقَلَ إِلَى مِصْرَ وَمَاتَ بِهَا، وَكَانَ مُتَكَلِّمًا شَاعِرًا مُتَرَسِّلًا وَلَهُ قَصِيدَةٌ أَرْبَعَةُ آلَافِ بَيْتٍ فِي الْكَلَامِ. قَالَ ابْنُ النَّدِيمِ: يُقَالُ إِنَّهُ كَانَ ثَنَوِيًّا فَسَقَطَ مِنْ طَبَقَةِ أَصْحَابِهِ الْمُتَكَلِّمِينَ. قُلْتُ: وَلَا تَغْتَرَّ بِقَوْلِ ابْنِ النَّدِيمِ فَإِنَّ هَذَا مِنْ كِبَارِ الْمُسْلِمِينَ، وَكَانَ سَبَبُ تَلْقِيبِهِ بِالنَّاشِئِ أَنَّهُ دَخَلَ وَهُوَ فَتًى مَجْلِسًا فَنَاظَرَ عَلَى طَرِيقَةِ الْمُعْتَزِلَةِ فَقَطَعَ خَصْمَهُ فَقَامَ شَيْخٌ فَقَبَّلَ رَأْسَهُ وَقَالَ: لَا أَعْدَمَنَا اللَّهُ مِثْلَ هَذَا النَّاشِئِ، فَبَقِيَ عَلَمًا عَلَيْهِ. وَلَهُ رَدٌّ عَلَى دَاوُدَ بْنِ عَلِيٍّ رَدَّهُ عَلَيْهِ ابْنُهُ مُحَمَّدُ بْنُ دَاوُدَ، وَغَيْرُ ذَلِكَ ". وَأَمَّا ابْنُ النَّدِيمِ فَذَكَرَهُ ضِمْنَ رُؤَسَاءِ الْمَنَانِيَّةِ (نِسْبَةً إِلَى مَانِي) الْمُتَكَلِّمِينَ الَّذِينَ يُظْهِرُونَ الْإِسْلَامَ وَيُبْطِنُونَ الزَّنْدَقَةَ، فَقَالَ (338) : " وَمِمَّنْ تَشَهَّرَ أَخِيرًا أَبُو عِيسَى الْوَرَّاقُ وَأَبُو الْعَبَّاسِ النَّاشِئُ ". وَانْظُرْ تَرْجَمَتَهُ فِي: وَفَيَاتِ الْأَعْيَانِ 2/277 - 279 ; إِنْبَاهِ الرُّوَاةِ 2/128 - 129 ; تَارِيخِ بَغْدَادَ 1/92 - 93 ; شَذَرَاتِ الذَّهَبِ 2/214 - 215 ; الْعِبَرِ لِلذَّهَبِيِّ 2/95 ; الْأَعْلَامِ 4/261. وَانْظُرْ مَا ذَكَرَهُ عَنْهُ ابْنُ حَزْمٍ فِي: التَّقْرِيبِ لِحَدِّ الْمَنْطِقِ وَالْمَدْخَلِ إِلَيْهِ، ص 43، تَحْقِيقَ د. إِحْسَان عَبَّاس، بَيْرُوتَ 1959. وَانْظُرْ مُقَدِّمَةَ الْمُحَقِّقِ (ص ط) ; وَانْظُرْ أَيْضًا: الْمُنْيَةَ وَالْأَمَلَ لِابْنِ الْمُرْتَضَى، ص 54، فَضْلَ الِاعْتِزَالِ، ص 299.
(¬4) ع: مَجَازٌ فِي الْعَبْدِ.

الصفحة 583