كتاب منهاج السنة النبوية (اسم الجزء: 2)
ثُمَّ مَعَ هَذَا لَمْ يَقْتُلْ مُسْلِمًا عَلَى وِلَايَتِهِ، وَلَا قَاتَلَ مُسْلِمًا بِمُسْلِمٍ، بَلْ قَاتَلَ بِهِمُ الْمُرْتَدِّينَ [عَنْ دِينِهِمْ] (¬1) وَالْكَفَّارَ، حَتَّى شَرَعَ بِهِمْ فِي فَتْحِ الْأَمْصَارِ، وَاسْتَخْلَفَ الْقَوِيَّ الْأَمِينَ الْعَبْقَرِيَّ، الَّذِي فَتَحَ الْأَمْصَارَ وَنَصَبَ الدِّيوَانَ وَعَمَّرَ (¬2) بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ.
فَإِنَّ جَازَ لِلرَّافِضِيِّ أَنْ يَقُولَ: إِنَّ هَذَا كَانَ طَالِبًا (¬3) لِلْمَالِ (¬4) وَالرِّيَاسَةِ، أَمْكَنَ النَّاصِبِيُّ أَنْ يَقُولَ: كَانَ عَلِيٌّ ظَالِمًا طَالِبًا لِلْمَالِ وَالرِّيَاسَةِ، قَاتَلَ عَلَى الْوِلَايَةِ حَتَّى قَتَلَ الْمُسْلِمِينَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، وَلَمْ يُقَاتِلْ كَافِرًا، وَلَمْ يَحْصُلْ لِلْمُسْلِمِينَ فِي مُدَّةِ وِلَايَتِهِ إِلَّا شَرٌّ وَفِتْنَةٌ فِي دِينِهِمْ وَدُنْيَاهُمْ.
فَإِنْ جَازَ أَنْ يُقَالَ: عَلِيٌّ كَانَ مُرِيدًا لِوَجْهِ اللَّهِ، وَالتَّقْصِيرُ مِنْ غَيْرِهِ مِنَ الصَّحَابَةِ، أَوْ يُقَالُ: كَانَ مُجْتَهِدًا مُصِيبًا وَغَيْرُهُ مُخْطِئًا مَعَ هَذِهِ (¬5) الْحَالِ، فَأَنْ (¬6) يُقَالُ: كَانَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ مُرِيدَيْنِ وَجْهَ اللَّهِ مُصِيبَيْنِ، وَالرَّافِضَةُ مُقَصِّرُونَ فِي مَعْرِفَةِ حَقِّهِمْ مُخْطِئُونَ فِي ذَمِّهِمْ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى [وَالْأَحْرَى] (¬7) ، فَإِنَّ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ كَانَ بُعْدُهُمَا عَنْ شُبْهَةِ طَلَبِ الرِّيَاسَةِ وَالْمَالِ أَشَدُّ مِنْ بُعْدِ عَلِيٍّ عَنْ ذَلِكَ، وَشُبْهَةُ الْخَوَارِجِ الَّذِينَ ذَمُّوا عَلِيًّا وَعُثْمَانَ وَكَفَّرُوهُمَا أَقْرَبُ مِنْ شُبْهَةِ الرَّافِضَةِ الَّذِينَ ذَمُّوا أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ
¬_________
(¬1) عَنْ دِينِهِمْ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(¬2) أ، ب: وَعَمَّ.
(¬3) ن، م: كَانَ هَذَا طَالِبًا.
(¬4) ن (فَقَطْ) : لِلْكَمَالِ.
(¬5) هَذِهِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) .
(¬6) ن، م: فَإِنَّهُ.
(¬7) وَالْأَحْرَى: زِيَادَةٌ فِي (ب) ، (م) . وَفِي (أ) : وَالْأُخْرَى.
الصفحة 60