كتاب منهاج السنة النبوية (اسم الجزء: 2)
وَقَدِ اعْتَرَفَ بِذَلِكَ فُضَلَاؤُهُمْ، حَتَّى الْآمِدِيُّ فِي [كِتَابِ] " أَبْكَارِ الْأَفْكَارِ " (¬1) اعْتَرَفَ بِأَنَّهُ (¬2) لَا دَلِيلَ لَهُمْ عَلَى تَمَاثُلِ الْأَجْسَامِ إِلَّا تَمَاثُلَ الْجَوَاهِرِ، وَلَا دَلِيلَ لَهُمْ عَلَى تَمَاثُلِ الْجَوَاهِرِ، وَالْأَشْعَرِيُّ فِي " الْإِبَانَةِ " جَعَلَ هَذَا الْقَوْلَ مِنْ أَقْوَالِ الْمُعْتَزِلَةِ الَّتِي أَبْطَلَهَا (¬3) .
وَسَوَاءٌ كَانَ تَمَاثُلُهَا حَقًّا أَوْ بَاطِلًا فَمَنْ قَالَ: إِنَّهُ جِسْمٌ كَهِشَامِ [بْنِ الْحَكَمِ] (¬4) وَابْنِ كَرَّامٍ لَا (¬5) يَقُولُ بِتَمَاثُلِ الْأَجْسَامِ، فَإِنَّهُمْ يَقُولُونَ: إِنَّ حَقِيقَةَ اللَّهِ تَعَالَى لَيْسَتْ مِثْلَ شَيْءٍ (¬6) مِنَ الْحَقَائِقِ، فَهُمْ أَيْضًا يُنْكِرُونَ التَّشْبِيهَ، فَإِذَا وَصَفُوا [بِهِ] (¬7) لِاعْتِقَادِ الْوَاصِفِ أَنَّهُ لَازِمٌ لَهُمْ، أَمْكَنَ كُلَّ طَائِفَةٍ أَنْ يَصِفُوا الْأُخْرَى بِالتَّشْبِيهِ لِاعْتِقَادِهَا أَنَّهُ لَازِمٌ لَهَا، فَالْمُعْتَزِلَةُ وَالشِّيعَةُ تُوَافِقُهُمْ [عَلَى] أَنَّ أَخَصَّ وَصْفِ الرَّبِّ (¬8) هُوَ الْقِدَمُ، وَأَنَّ مَا شَارَكَهُ فِي الْقِدَمِ فَهُوَ مِثْلُهُ، فَإِذَا أَثْبَتْنَا (¬9) صِفَةً قَدِيمَةً لَزِمَ التَّشْبِيهُ، وَكُلُّ مَنْ أَثْبَتَ صِفَةً قَدِيمَةً فَهُوَ مُشَبِّهٌ، وَهُمْ يُسَمُّونَ جَمِيعَ مَنْ أَثْبَتَ الصِّفَاتِ مُشَبِّهًا بِنَاءً عَلَى هَذَا.
¬_________
(¬1) كِتَابِ: فِي (ع) فَقَطْ. وَعَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَالِمٍ الثَّعْلَبِيُّ، سَيْفُ الدِّينِ الْآمِدِيُّ، سَبَقَتْ تَرْجَمَتُهُ 1/250.
(¬2) ب، أ، ن، م: بِأَنَّهُمْ.
(¬3) انْظُرِ " الْإِبَانَةَ "، ص [0 - 9] 7 - 38.
(¬4) بْنِ الْحَكَمِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(¬5) لَا: سَاقِطَةٌ مِنْ (ب) ، (أ) .
(¬6) ب: لَيْسَتْ كَشَيْءٍ ; أ: لَيْسَتْ شَيْءٌ (وَسَقَطَتْ: مِثْلَ) .
(¬7) بِهِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(¬8) ب، أ: تُوَافِقُهُمْ أَنَّ أَحْصَبَ وَالرَّبَّ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ. وَسَقَطَتْ " عَلَى " مِنْ (ن) ، (م) .
(¬9) ب، أ: فَإِذَا أَثْبَتْنَا ; ن، م: وَإِذَا أَثْبَتْنَا.
الصفحة 600