كتاب منهاج السنة النبوية (اسم الجزء: 2)

وَالْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ لَيْسَ فِيهِ لَفْظُ " نَاصِبِيَّةٍ " (¬1) وَلَا " مُشَبِّهَةٍ " وَلَا " حَشْوِيَّةٍ " وَلَا فِيهِ أَيْضًا لَفْظُ " رَافِضَةٍ ". وَنَحْنُ إِذَا قُلْنَا " رَافِضَةً " نَذْكُرُهُ لِلتَّعْرِيفِ، لِأَنَّ مُسَمَّى هَذَا الِاسْمَ يَدْخُلُ فِيهِ أَنْوَاعٌ مَذْمُومَةٌ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ: مِنَ الْكَذِبِ عَلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَتَكْذِيبِ الْحَقِّ الَّذِي جَاءَ بِهِ رَسُولُهُ، وَمُعَادَاةِ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ - بَلْ خِيَارِ أَوْلِيَائِهِ - وَمُوَالَاةِ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَالْمُشْرِكِينَ، كَمَا تُبَيِّنُ وُجُوهُ الذَّمِّ.
وَأَهْلُ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَعُمَّهُمْ مَعْنًى مَذْمُومٌ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ بِحَالٍ كَمَا يَعُمُّ الرَّافِضَةَ. نَعَمْ يُوجَدُ فِي بَعْضِهِمْ مَا هُوَ مَذْمُومٌ، وَلَكِنْ هَذَا لَا يَلْزَمُ مِنْهُ ذَمُّهُمْ، كَمَا أَنَّ الْمُسْلِمِينَ إِذَا كَانَ فِيهِمْ مَنْ هُوَ مَذْمُومٌ لِذَنْبٍ رَكِبَهُ، لَمْ يَسْتَلْزِمْ ذَلِكَ (¬2) ذَمُّ الْإِسْلَامِ وَأَهْلِهِ الْقَائِمِينَ (¬3) بِوَاجِبَاتِهِ.

الْوَجْهُ الرَّابِعُ (¬4) أَنْ يُقَالَ: أَمَّا الْقَوْلُ بِأَنَّهُ جِسْمٌ أَوْ لَيْسَ بِجِسْمٍ، فَهَذَا مِمَّا تَنَازَعَ فِيهِ أَهْلُ الْكَلَامِ وَالنَّظَرِ، وَهِيَ مَسْأَلَةٌ عَقْلِيَّةٌ، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ النَّاسَ فَهَا عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ: نَفْيٍ وَإِثْبَاتٍ، وَوَقْفٍ، وَتَفْصِيلٍ (¬5) ، وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ الَّذِي عَلَيْهِ السَّلَفُ وَالْأَئِمَّةُ.
وَلِهَذَا لَمَّا ذَكَرَ أَبُو عِيسَى بُرْغُوثٌ لِأَحْمَدَ هَذَا فِي مُنَاظَرَتِهِ إِيَّاهُ، وَأَشَارَ إِلَى أَنَّهُ إِذَا قُلْتَ إِنَّ الْقُرْآنَ غَيْرُ مَخْلُوقٍ، لَزِمَ أَنْ يَكُونَ اللَّهُ جِسْمًا ; لِأَنَّ
¬_________
(¬1) ب، أ: نَاصِبَةٍ.
(¬2) ذَلِكَ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ب) ، (أ) .
(¬3) ب، أ: الْقَائِلِينَ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.
(¬4) ب، أ: الثَّالِثُ، وَهُوَ خَطَأٌ. وَبَدَأَ الْوَجْهُ الثَّالِثُ، ص 594.
(¬5) ن: وَتَفْضِيلٍ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.

الصفحة 609