كتاب منهاج السنة النبوية (اسم الجزء: 2)
وَعُثْمَانَ وَكَفَّرُوهُمْ (¬1) ، فَكَيْفَ بِحَالِ الصَّحَابَةِ [وَالتَّابِعِينَ] (¬2) الَّذِينَ تَخَلَّفُوا عَنْ بَيْعَتِهِ أَوْ قَاتَلُوهُ؟ فَشُبْهَتُهُمْ أَقْوَى مِنْ شُبْهَةِ مَنْ قَدَحَ فِي أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ، فَإِنَّ أُولَئِكَ قَالُوا: مَا يُمْكِنُنَا أَنْ نُبَايِعَ إِلَّا مَنْ يَعْدِلُ عَلَيْنَا (¬3) وَيَمْنَعُنَا مِمَّنْ يَظْلِمُنَا وَيَأْخُذُ حَقَّنَا مِمَّنْ ظَلَمَنَا، فَإِذَا لَمْ يَفْعَلْ هَذَا كَانَ عَاجِزًا أَوْ ظَالِمًا وَلَيْسَ عَلَيْنَا أَنْ نُبَايِعَ عَاجِزًا أَوْ ظَالِمًا (¬4) .
وَهَذَا الْكَلَامُ إِذَا كَانَ بَاطِلًا، فَبُطْلَانُ قَوْلِ مَنْ يَقُولُ: إِنَّ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ كَانَا ظَالِمَيْنِ طَالِبَيْنِ لِلْمَالِ وَالرِّيَاسَةِ (¬5) أَبْطَلَ وَأُبْطِلَ. وَهَذَا الْأَمْرُ لَا يَسْتَرِيبُ فِيهِ مَنْ لَهُ بَصَرٌ وَمَعْرِفَةٌ، وَأَيْنَ (¬6) شُبْهَةٌ مِثْلُ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ (* الَّذِي وَافَقَ عَمْرًا (¬7) عَلَى عَزْلِ عَلِيٍّ وَمُعَاوِيَةَ، وَأَنْ يُجْعَلَ الْأَمْرَ شُورَى فِي الْمُسْلِمِينَ *) (¬8) مِنْ شُبْهَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَبَأٍ (¬9) وَأَمْثَالِهِ الَّذِينَ يَدَّعُونَ أَنَّهُ إِمَامٌ مَعْصُومٌ، أَوْ أَنَّهُ إِلَهٌ أَوْ نَبِيٌّ (¬10) ؟ بَلْ أَيْنَ شُبْهَةُ الَّذِينَ رَأَوْا أَنْ يُوَلُّوا مُعَاوِيَةَ مِنْ شُبْهَةِ الَّذِينَ يَدَّعُونَ أَنَّهُ إِلَهٌ أَوْ نَبِيٌّ؟ فَإِنَّ هَؤُلَاءِ كَفَّارٌ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ بِخِلَافِ أُولَئِكَ.
¬_________
(¬1) ب: ذَمُّوا أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ وَكَفَّرُوهُمَا.
(¬2) وَالتَّابِعِينَ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(¬3) ن: نَعْدِلُ عَلِيًّا، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.
(¬4) ن، م: عَاجِزًا وَلَا ظَالِمًا.
(¬5) أ، ب: لِلرِّيَاسَةِ وَالْمَالِ.
(¬6) ن: وَأَنَّى.
(¬7) ن: عُمَرَ، وَهُوَ خَطَأٌ.
(¬8) : مَا بَيْنَ النَّجْمَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (م) .
(¬9) ن، م: عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَنًا، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.
(¬10) سَبَقَتِ الْإِشَارَةُ مِنْ قَبْلِ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَبَأٍ وَمَقَالَتِهِ. انْظُرْ هَذَا الْكِتَابَ 1/23 - 24، 308.
الصفحة 61