كتاب منهاج السنة النبوية (اسم الجزء: 2)
فَلَعَلَّهُمْ زَادُوا فِي النَّقْلِ عَنْهُ، أَوْ نَقْلُوا عَنْهُ، أَوْ نَقَلُوا عَنْ غَيْرِ ثِقَةٍ، وَإِلَّا فَمَا أَظُنُّهُ يَصِلُ إِلَى هَذَا الْحَدِّ (¬1) . وَقَدْ قَالَ الشَّافِعِيُّ: مَنْ أَرَادَ التَّفْسِيرَ فَهُوَ عِيَالٌ عَلَى مُقَاتِلٍ، وَمَنْ أَرَادَ الْفِقْهَ فَهُوَ عِيَالٌ عَلَى أَبِي حَنِيفَةَ (¬2) .
وَمُقَاتِلُ بْنُ سُلَيْمَانَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِمَّنْ يُحْتَجُّ بِهِ فِي الْحَدِيثِ - بِخِلَافِ مُقَاتِلِ بْنِ حَيَّانَ (¬3) فَإِنَّهُ ثِقَةٌ - لَكِنْ لَا رَيْبَ (¬4) فِي عِلْمِهِ بِالتَّفْسِيرِ وَغَيْرِهِ وَاطِّلَاعِهِ (¬5) ، كَمَا أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ وَإِنْ كَانَ النَّاسُ خَالَفُوهُ فِي أَشْيَاءَ
¬_________
(¬1) عَلَّقَ مُسْتَجِي زَادَهْ فِي هَامِشِ (ع) بِقَوْلِهِ: " قُلْتُ: لَكِنَّ الْخَطِيبَ الْبَغْدَادِيَّ ذَكَرَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ بِإِسْنَادِهِ: هَذَانِ رَجُلَانِ خَبِيثَانِ: أَعْنِي جَهْمَ بْنَ صَفْوَانَ وَمُقَاتِلَ بْنَ سُلَيْمَانَ، أَفْرَطَ جَهْمٌ فِي التَّنْزِيهِ فَجَعَلَهُ تَعَالَى لَا مِنْ قَبِيلِ مَعْنًى مِنَ الْمَعَانِي فَوَقَعَ فِي التَّعْطِيلِ، وَأَفْرَطَ مُقَاتِلٌ فِي التَّشْبِيهِ حَتَّى جَعَلَ لَهُ تَعَالَى لَحْمًا وَدَمًا وَشَعْرًا وَعَظْمًا، انْتَهَى. فَالَّذِي ذَكَرَهُ الْخَطِيبُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ فِي شَأْنِ مُقَاتِلٍ هُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا نَقَلَهُ الْإِمَامُ أَبُو الْحَسَنِ الْأَشْعَرِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي شَأْنِ مُقَاتِلٍ ".
(¬2) فِي وَفَيَاتِ الْأَعْيَانِ 4/341 فِي تَرْجَمَةِ مُقَاتِلِ بْنِ سُلَيْمَانَ: " حُكِيَ عَنِ الْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: النَّاسُ كُلُّهُمْ عِيَالٌ عَلَى ثَلَاثَةٍ: عَلَى مُقَاتِلِ بْنِ سُلَيْمَانَ فِي التَّفْسِيرِ، وَعَلَى زُهَيْرِ بْنِ أَبِي سُلْمَى فِي الشِّعْرِ، وَعَلَى أَبِي حَنِيفَةَ فِي الْكَلَامِ ".
(¬3) ب، أ: مُقَاتِلِ بْنِ حِبَّانَ، وَهُوَ خَطَأٌ. وَهُوَ عَالِمُ خُرَاسَانَ الْحَافِظُ أَبُو بِسِطَامٍ - وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: أَبُو مَعَانٍ - مُقَاتِلُ بْنُ حَيَّانَ الْبَلْخِيُّ الْخَزَّازُ. قَالَ الذَّهَبِيُّ: " كَانَ إِمَامًا صَادِقًا نَاسِكًا خَيِّرًا كَبِيرَ الْقَدْرِ صَاحِبَ سُنَّةٍ وَاتِّبَاعٍ، هَرَبَ فِي أَيَّامِ خُرُوجِ أَبِي مُسْلِمٍ الْخُرَاسَانِيِّ إِلَى كَابُلَ وَدَعَا خَلْقًا إِلَى الْإِسْلَامِ فَأَسْلَمُوا. وَثَّقَهُ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ وَأَبُو دَاوُدَ، وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ ". وَانْظُرْ تَرْجَمَتَهُ فِي: تَذْكِرَةِ الْحُفَّاظِ 1/174 ; طَبَقَاتِ ابْنِ سَعْدٍ 7/374 ; تَهْذِيبِ الْأَسْمَاءِ وَاللُّغَاتِ لِلنَّوَوِيِّ، ق [0 - 9] ، ج [0 - 9] ، ص [0 - 9] 10 - 111 ; الْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ، ج [0 - 9] ، ق [0 - 9] ، ص [0 - 9] 53 - 354.
(¬4) ن، م: ثِقَةٌ، وَلَا رَيْبَ.
(¬5) أَبُو الْحَسَنِ بْنُ مُقَاتِلِ بْنِ سُلَيْمَانَ بْنِ بَشِيرٍ، الْأَزْدِيُّ بِالْوَلَاءِ، الْبَلْخِيُّ، الْخُرَاسَانِيُّ، الْمَرْوَزِيُّ. أَصْلُهُ مِنْ بَلْخٍ، وَانْتَقَلَ إِلَى الْبَصْرَةِ وَدَخَلَ بَغْدَادَ وَحَدَّثَ بِهَا. ذَكَرَهُ الذَّهَبِيُّ فِي آخِرِ تَرْجَمَةِ ابْنِ حَيَّانَ (تَذْكِرَةَ الْحُفَّاظِ 1/174) فَقَالَ: " فَأَمَّا مُقَاتِلُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُفَسِّرُ فَكَانَ فِي هَذَا الْوَقْتِ، وَهُوَ مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ، وَقَدْ لُطِّخَ بِالتَّجْسِيمِ مَعَ أَنَّهُ كَانَ مِنْ أَوْعِيَةِ الْعِلْمِ بَحْرًا مِنَ التَّفْسِيرِ ". وَقَدْ تُوُفِّيَ بِالْبَصْرَةِ سَنَةَ 150. وَانْظُرْ تَرْجَمَتَهُ فِي: الْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ، ج [0 - 9] ، ق [0 - 9] ، ص [0 - 9] 54 - 355 ; تَهْذِيبِ الْأَسْمَاءِ وَاللُّغَاتِ، ق [0 - 9] ، ج [0 - 9] ، ص [0 - 9] 11، طَبَقَاتِ ابْنِ سَعْدٍ 7/373 ; تَهْذِيبِ التَّهْذِيبِ 10/279 - 285 ; مِيزَانِ الِاعْتِدَالِ 3/196 - 197 ; تَارِيخِ بَغْدَادَ 13/160 - 169 ; وَفَيَاتِ الْأَعْيَانِ 4/341 - 343 ; الْفِهْرِسْتِ لِابْنِ النَّدِيمِ، ص [0 - 9] 79 (ذَكَرَهُ ضِمْنَ الزَّيْدِيَّةِ فَقَالَ: مِنَ الزَّيْدِيَّةِ وَالْمُحَدِّثِينَ وَالْقُرَّاءِ) ; الْأَعْلَامِ 8 (وَنُقِلَ عَنْ مَخْطُوطَةِ " قَبُولِ الْأَخْبَارِ " لِلْبَلْخِيِّ عَنِ الْكَلْبِيِّ أَنَّهُ قَالَ: كُذِبَ عَلَى مُقَاتِلٍ فِي التَّفْسِيرِ) ; سِزْكِينَ م [0 - 9] ج [0 - 9] ، ص [0 - 9] 5 - 87. وَأَمَّا عَنْ مَذْهَبِهِ فِي التَّجْسِيمِ وَالْإِرْجَاءِ فَقَدْ قَالَ ابْنُ حَزْمٍ 5: " وَقَالَ مُقَاتِلُ بْنُ سُلَيْمَانَ وَكَانَ مِنْ كِبَارِ الْمُرْجِئَةِ: لَا يَضُرُّ مَعَ الْإِيمَانِ سَيِّئَةٌ جَلَّتْ أَوْ قَلَّتْ أَصْلًا، وَلَا يَنْفَعُ مَعَ الشِّرْكِ حَسَنَةٌ أَصْلًا. وَكَانَ مُقَاتِلٌ هَذَا مَعَ جَهْمٍ بِخُرَاسَانَ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ وَكَانَ يُخَالِفُهُ فِي التَّجْسِيمِ. . وَكَانَ مُقَاتِلٌ يَقُولُ: إِنَّ اللَّهَ جِسْمٌ وَلَحْمٌ وَدَمٌ عَلَى صُورَةِ الْإِنْسَانِ. وَانْظُرْ عَنْ مَذْهَبِهِ أَيْضًا: الْمَقَالَاتِ لِلْأَشْعَرِيِّ 1/213 ; الْمِلَلَ وَالنِّحَلَ 1/167 ; الِانْتِصَارَ لِلْخَيَّاطِ، ص 54.
الصفحة 619