كتاب منهاج السنة النبوية (اسم الجزء: 2)
كَانَ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ مُتَأَخِّرًا عَنْ هَذَا، وَقِصَّتُهُ مَعْرُوفَةٌ (¬1) .
قَالَ الْأَشْعَرِيُّ (¬2) : " وَفِي الْأُمَّةِ (¬3) قَوْمٌ يَنْتَحِلُونَ النُّسُكَ، يَزْعُمُونَ أَنَّهُ جَائِزٌ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى (¬4) الْحُلُولُ فِي الْأَجْسَامِ (¬5) ، وَإِذَا رَأَوْا شَيْئًا يَسْتَحْسِنُونَهُ قَالُوا: لَا نَدْرِي، لَعَلَّهُ، رُبَّمَا هُوَ (¬6) .
وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: إِنَّهُ يَرَى اللَّهَ فِي الدُّنْيَا عَلَى قَدْرِ الْأَعْمَالِ (¬7) ، فَمَنْ كَانَ عَمَلُهُ أَحْسَنَ رَأَى مَعْبُودَهُ أَحْسَنَ.
وَمِنْهُمْ مَنْ يُجَوِّزُ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى الْمُعَانَقَةَ وَالْمُلَامَسَةَ وَالْمُجَالَسَةَ فِي الدُّنْيَا (¬8) ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَزْعُمُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذُو أَعْضَاءٍ وَجَوَارِحَ وَأَبْعَاضٍ: لَحْمٍ وَدَمٍ عَلَى صُورَةِ الْإِنْسَانِ، لَهُ مَا لِلْإِنْسَانِ مِنَ الْجَوَارِحِ.
وَكَانَ مِنَ الصُّوفِيَّةِ رَجُلٌ يُعْرَفُ بِأَبِي شُعَيْبٍ يَزْعُمُ أَنَّ اللَّهَ يُسَرُّ وَيَفْرَحُ بِطَاعَةِ أَوْلِيَائِهِ، وَيَغْتَمُّ وَيَحْزَنُ إِذَا عَصَوْهُ.
¬_________
(¬1) م: مَشْهُورَةٌ.
(¬2) فِي الْمَقَالَاتِ 1/319، وَسَنُقَابِلُ النَّصَّ التَّالِيَ عَلَيْهِ.
(¬3) ب: فِي الْإِبَانَةِ، وَهُوَ خَطَأٌ ; أ: وَفِي الْآيَةِ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.
(¬4) الْمَقَالَاتِ: اللَّهِ سُبْحَانَهُ ; ب، أ، م: اللَّهِ ; ن: عَنِ اللَّهِ.
(¬5) م: الْأَجْسَادِ.
(¬6) لَعَلَّهُ رُبَّمَا هُوَ: كَذَا فِي (ع) ، (أ) ، (ن) ، (م) ; وَفِي (ب) لَعَلَّهُ رَبَّنَا هُوَ ; وَفِي الْمَقَالَاتِ: لَعَلَّهُ رَبَّنَا.
(¬7) ب: عَلَى حَسَبِ الْأَعْمَالِ ; أ: عَلَى الْأَعْمَالِ (بِسُقُوطِ: قَدْرِ) ; ن، م: إِنَّهُ يُرَى فِي الدُّنْيَا عَلَى قَدْرِ الْأَعْمَالِ.
(¬8) فِي " الْمَقَالَاتِ " بَعْدَ كَلِمَةِ " الدُّنْيَا ": وَجَوَّزُوا مَعَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ - تَعَالَى عَنْ قَوْلِهِمْ - أَنْ نَلْمِسَهُ.
الصفحة 622