كتاب منهاج السنة النبوية (اسم الجزء: 2)

وَمِنْهُ قَوْلُ الْعَرَبِ: مَا فِي السَّمَاءِ قَدْرُ كَفٍّ سَحَابًا، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْكَفَّ تُقَدَّرُ (¬1) بِهَا الْمَمْسُوحَاتِ كَمَا يُقَدَّرُ بِالذِّرَاعِ، وَأَصْغَرُ الْمَمْسُوحَاتِ الَّتِي يُقَدِّرُهَا الْإِنْسَانُ مِنْ أَعْضَائِهِ كَفُّهُ (¬2) ، فَصَارَ هَذَا مَثَلًا لِأَقَلِّ شَيْءٍ.
فَإِذَا قِيلَ: إِنَّهُ مَا يَفْضُلُ مِنَ الْعَرْشِ أَرْبَعُ أَصَابِعَ، كَانَ الْمَعْنَى: مَا يَفْضُلُ مِنْهُ شَيْءٌ، وَالْمَقْصُودُ هُنَا بَيَانُ أَنَّ اللَّهَ أَعْظَمُ وَأَكْبَرُ مِنَ الْعَرْشِ.
وَمِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّ الْحَدِيثَ إِنْ لَمْ يَكُنِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -[قَدْ] (¬3) قَالَهُ فَلَيْسَ عَلَيْنَا مِنْهُ، [وَإِنْ كَانَ [قَدْ] (¬4) قَالَهُ فَلَمْ يَجْمَعْ بَيْنَ النَّفْيِ وَالْإِثْبَاتِ] (¬5) ] ، وَإِنْ (¬6) كَانَ قَالَهُ بِالنَّفْيِ لَمْ يَكُنْ قَالَهُ بِالْإِثْبَاتِ ; [وَالَّذِينَ قَالُوهُ بِالْإِثْبَاتِ] (¬7) ذَكَرُوا فِيهِ مَا يُنَاسِبُ أُصُولَهُمْ، كَمَا قَدْ بُسِطَ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ.
فَهَذَا وَأَمْثَالُهُ - سَوَاءٌ كَانَ حَقًّا أَوْ بَاطِلًا - لَا يَقْدَحُ فِي مَذْهَبِ أَهْلِ السُّنَّةِ وَلَا يَضُرُّهُمْ، لِأَنَّهُ بِتَقْدِيرِ أَنْ يَكُونَ بَاطِلًا لَيْسَ هُوَ قَوْلَ جَمَاعَتِهِمْ، بَلْ غَايَتُهُ
¬_________
(¬1) ب، أ: يُقَدَّرُ بِهِ.
(¬2) ب، أ: وَأَصْغَرُ الْمَمْسُوحَاتِ الَّتِي يُقَدِّرُ بِهَا الْإِنْسَانُ مِنْ أَعْضَائِهِ كَفٌّ.
(¬3) قَدْ: فِي (ع) فَقَطْ.
(¬4) قَدْ: فِي (ع) فَقَطْ.
(¬5) مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(¬6) ب، أ: فَإِنْ.
(¬7) مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) ، (م) .

الصفحة 630