كتاب منهاج السنة النبوية (اسم الجزء: 2)

الشَّعْرِ عَلَى الصِّفَاتِ الَّتِي يَصِفُونَ رَبَّهُمْ بِهَا، فَأَلَحَّ الشَّيْخُ بِالنَّظَرِ إِلَيْهِ وَكَرَّرَهُ وَأَكْثَرَ تَصْوِيبَهُ إِلَيْهِ (¬1) فَتَوَهَّمَ فِيهِ النَّفَّاطَ فَجَاءَ إِلَيْهِ (¬2) لَيْلًا وَقَالَ: أَيُّهَا الشَّيْخُ رَأَيْتُكَ تُلِحُّ بِالنَّظَرِ (¬3) إِلَى هَذَا الْغُلَامِ وَقَدْ أَتَيْتُكَ بِهِ (¬4) ، فَإِنْ كَانَ لَكَ فِيهِ نِيَّةٌ فَأَنْتَ الْحَاكِمُ (¬5) . فَحَرَدَ الشَّيْخُ عَلَيْهِ وَقَالَ: إِنَّمَا كَرَّرْتُ النَّظَرَ إِلَيْهِ لِأَنَّ مَذْهَبِي أَنَّ اللَّهَ يَنْزِلُ عَلَى صُورَتِهِ (¬6) فَتَوَهَّمْتُ أَنَّهُ اللَّهُ تَعَالَى، فَقَالَ لَهُ النَّفَّاطُ: مَا أَنَا عَلَيْهِ مِنَ [النَّفَّاطَةِ] (¬7) أَجْوَدُ مِمَّا أَنْتَ عَلَيْهِ مِنَ الزُّهْدِ مَعَ هَذِهِ الْمَقَالَةِ ".
فَيُقَالُ: هَذِهِ الْحِكَايَةُ وَأَمْثَالُهَا دَائِرَةٌ (¬8) بَيْنَ أَمْرَيْنِ: إِمَّا أَنْ تَكُونَ كَذِبًا مَحْضًا مِمَّنِ افْتَرَاهَا عَلَى بَعْضِ شُيُوخِ أَهْلِ بَغْدَادَ (¬9) ، وَإِمَّا أَنْ تَكُونَ قَدْ وَقَعَتْ لِجَاهِلٍ مَغْمُورٍ (¬10) لَيْسَ بِصَاحِبِ قَوْلٍ وَلَا مَذْهَبٍ، وَأَدْنَى الْعَامَّةِ أَعْقَلُ مِنْهُ وَأَفْقَهُ.
وَعَلَى التَّقْدِيرَيْنِ فَلَا يَضُرُّ ذَلِكَ أَهْلَ السُّنَّةِ شَيْئًا، لِأَنَّهُ مِنَ الْمَعْلُومِ لِكُلِّ
¬_________
(¬1) إِلَيْهِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ب) ، (أ) .
(¬2) ك 1/85 (م) : وَجَاءَ إِلَيْهِ.
(¬3) ن، م: تُلِحُّ النَّظَرَ.
(¬4) ك: وَقَدْ أَتَيْتُ بِهِ إِلَيْكَ ; م: وَقَدْ حَبَيْتُكَ بِهِ.
(¬5) ن، م: الْحَاكِمُ فِيهِ.
(¬6) ك، ب: عَلَى صُورَةِ هَذَا الْغُلَامِ. وَسَقَطَتْ عِبَارَةُ " عَلَى صُورَتِهِ " مِنْ (أ) .
(¬7) النَّفَّاطَةِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) .
(¬8) ع: هِيَ دَائِرَةٌ.
(¬9) ب، أ، ن، م: عَلَى أَهْلِ بَغْدَادَ وَبَعْضِ الشُّيُوخِ.
(¬10) ب: مَعْذُورًا ; أ: مَعْفُورٍ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.

الصفحة 632