كتاب منهاج السنة النبوية (اسم الجزء: 2)

لِلرِّيَاسَةِ بِغَيْرِ حَقٍّ، بِمَنْزِلَةِ الْحَاكِمِ وَأَمْثَالِهِ مِنْ مُلُوكِ بَنِي عُبَيْدٍ، أَمَا كَانَ يَكُونُ كَاذِبًا مُفْتَرِيًا فِي ذَلِكَ لِصِحَّةِ إِيمَانِ عَلِيٍّ وَالْحُسَيْنِ وَدِينِهِمَا وَفَضْلِهِمَا، وَلِنِفَاقِ هَؤُلَاءِ وَإِلْحَادِهِمْ؟ .
وَكَذَلِكَ مَنْ شَبَّهَ عَلِيًّا وَالْحُسَيْنَ بِبَعْضِ مَنْ قَامَ مِنَ الطَّالِبِيِّينَ أَوْ غَيْرِهِمْ بِالْحِجَازِ أَوِ الشَّرْقِ أَوِ الْغَرْبِ يَطْلُبُ الْوِلَايَةَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَظْلِمُ النَّاسَ فِي أَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ (¬1) ، أَمَا كَانَ يَكُونُ ظَالِمًا كَاذِبًا؟ .
فَالْمُشَبِّهُ لِأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ بِعُمَرَ بْنِ سَعْدٍ أَوْلَى بِالْكَذِبِ وَالظُّلْمِ، ثُمَّ غَايَةُ عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ وَأَمْثَالِهِ أَنْ يَعْتَرِفَ بِأَنَّهُ طَلَبَ الدُّنْيَا بِمَعْصِيَةٍ يَعْتَرِفُ (¬2) أَنَّهَا مَعْصِيَةٌ، وَهَذَا ذَنْبٌ كَثِيرٌ [وُقُوعُهُ] مِنَ الْمُسْلِمِينَ (¬3) .
وَأَمَّا الشِّيعَةُ فَكَثِيرٌ مِنْهُمْ يَعْتَرِفُونَ بِأَنَّهُمْ إِنَّمَا (¬4) . قَصَدُوا بِالْمُلْكِ إِفْسَادَ دِينِ الْإِسْلَامِ وَمُعَادَاةَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، كَمَا يُعْرَفُ ذَلِكَ مِنْ خِطَابِ الْبَاطِنِيَّةِ وَأَمْثَالِهِمْ مِنَ الدَّاخِلِينَ فِي الشِّيعَةِ، فَإِنَّهُمْ يَعْتَرِفُونَ بِأَنَّهُمْ فِي الْحَقِيقَةِ لَا يَعْتَقِدُونَ دِينَ الْإِسْلَامِ، وَإِنَّمَا يَتَظَاهَرُونَ بِالتَّشَيُّعِ لِقِلَّةِ عَقْلِ الشِّيعَةِ وَجَهْلِهِمْ، لِيَتَوَسَّلُوا بِهِمْ إِلَى أَغْرَاضِهِمْ.
وَأَوَّلُ هَؤُلَاءِ - بَلْ خِيَارُهُمْ - هُوَ الْمُخْتَارُ بْنُ أَبِي عُبَيْدٍ الْكَذَّابُ (¬5) . فَإِنَّهُ
¬_________
(¬1) ن، م: بِبَعْضِ أُمَرَاءِ الْحِجَازِ الَّذِينَ يَطْلُبُونَ الْمُلْكَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَظْلِمُونَ النَّاسَ فِي أَنْفُسِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ. . . إِلَخْ.
(¬2) ن: مُعْتَرِفٍ ; م: فَعَبَّرُوا، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.
(¬3) ن، م: وَهَذَا ذَنْبُ كَثِيرٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ.
(¬4) ن، م: إِذَا، وَهُوَ خَطَأٌ
(¬5) الْمُخْتَارُ بْنُ أَبِي عُبَيْدِ بْنِ مَسْعُودٍ الثَّقَفِيُّ أَبُو إِسْحَاقَ، دَعَا الشِّيعَةَ إِلَى بَيْعَةِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ، وَزَعَمَ أَنَّهُ اسْتَخْلَفَهُ فَتَبِعَهُ الْكَثِيرُونَ، ثُمَّ قَتَلَ أَكْثَرَ قَتَلَةِ الْحُسَيْنِ، وَحَارَبَ جَيْشَ بَنِي أُمَيَّةَ وَقَتَلَ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ زِيَادٍ وَتَمَّتْ لَهُ وِلَايَةُ الْكُوفَةِ وَالْجَزِيرَةِ وَغَيْرِهِمَا، وَادَّعَى بَعْدَ ذَلِكَ النُّبُوَّةَ وَنُزُولَ الْوَحْيِ عَلَيْهِ، ثُمَّ حَارَبَهُ مُصْعَبُ بْنُ الزُّبَيْرِ حَتَّى قَتَلَهُ سَنَةَ 67. وَتُنْسَبُ إِلَى الْمُخْتَارِ فِرَقُ الْكَيْسَانِيَّةِ مِنَ الرَّافِضَةِ وَيُسَمَّى الشَّهْرَسْتَانِيُّ وَغَيْرُهُ أَتْبَاعُهُ خَاصَّةً الْمُخْتَارِيَّةَ، وَيُقَالُ إِنَّهُ كَانَ يُلَقَّبُ بِكَيْسَانَ، وَقِيلَ بَلْ أَخَذَ مَقَالَتَهُ عَنْ مَوْلًى لِعَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - اسْمُهُ كَيْسَانِ. انْظُرْ أَخْبَارَ الْمُخْتَارِ وَسِيرَتَهُ فِي: تَارِيخِ الطَّبَرِيِّ (ط. الْمَعَارِفِ) 5/569 - 582، أَحْدَاثِ سَنَةِ 66، 67، 6/5 - 116 ; الْأَخْبَارِ الطِّوَالِ لِلدِّينَوَرِيِّ (ط. وِزَارَةِ الثَّقَافَةِ، 1960) ، ص [0 - 9] 88 - 308 ; تَارِيخِ أَبِي الْفِدَا (ط. الْحُسَيْنِيَّةِ) 1/194 - 195 ; مُرُوجِ الذَّهَبِ لِلْمَسْعُودِيِّ 3/105 - 107 ; سِيَرِ أَعْلَامِ النُّبَلَاءِ لِلذَّهَبِيِّ 3/353 - 356 ; لِسَانِ الْمِيزَانِ 6 ; الْأَعْلَامِ لِلزِّرِكْلِيِّ 8/70 - 71 ; الْفَرْقِ بَيْنَ الْفِرَقِ، ص 26 - 34 ; الْمِلَلِ وَالنِّحَلِ 1/132 - 134 ; فِرَقِ الشِّيعَةِ لِلنُّوبَخْتِيِّ (ط. الْمَطْبَعَةِ الْحَيْدَرِيَّةِ بِالنَّجَفِ، 1379/1959) ، ص [0 - 9] 4 - 45، 48. وَانْظُرْ كِتَابَ الْمُخْتَارِ الثَّقَفِيِّ، سِلْسِلَةِ الْعَرَبِ، تَأْلِيفِ د. عَلِي الْخَرْبُوطْلِي، الْقَاهِرَةِ، 1963

الصفحة 68