كتاب منهاج السنة النبوية (اسم الجزء: 2)
أَخْلَصُوا لِلَّهِ وَاتَّبَعُوا مَا أُمِرُوا بِهِ مِنْ (¬1) طَاعَةِ مَنْ يَسْتَحِقُّ التَّقْدِيمَ، وَحَيْثُ حَصَلَ لِلْمُسْلِمِينَ هَذِهِ الْبَلِيَّةُ، وَجَبَ عَلَى كُلِّ أَحَدٍ النَّظَرُ فِي الْحَقِّ وَاعْتِمَادُ الْإِنْصَافِ (¬2) ، وَأَنْ يُقِرَّ الْحَقَّ مَقَرَّهُ (¬3) وَلَا يَظْلِمُ مُسْتَحِقَّهُ، فَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ} [سُورَةُ هُودٍ: 18] . فَيُقَالُ لَهُ: أَوَّلًا: قَدْ كَانَ الْوَاجِبُ أَنْ يُقَالَ: لَمَّا ذَهَبَ طَائِفَةٌ إِلَى كَذَا وَطَائِفَةٌ إِلَى كَذَا، وَجَبَ أَنْ يَنْظُرَ أَيَّ الْقَوْلَيْنِ أَصَحُّ، فَأَمَّا إِذَا رَضِيَتْ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ بِاتِّبَاعِ الْحَقِّ وَالْأُخْرَى بِاتِّبَاعِ الْبَاطِلِ، فَإِنْ كَانَ (¬4) هَذَا قَدْ تَبَيَّنَ فَلَا حَاجَةَ إِلَى النَّظَرِ، وَإِنْ لَمْ يَتَبَيَّنْ بَعْدُ لَمْ يَذْكُرْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ.
وَيُقَالُ لَهُ: ثَانِيًا: قَوْلُكَ: إِنَّهُ طَلَبَ الْأَمْرَ لِنَفْسِهِ بِحَقٍّ لَهُ وَبَايَعَهُ الْأَقَلُّونَ، كَذِبٌ عَلَى عَلِيٍّ [رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ] (¬5) ، فَإِنَّهُ لَمْ يَطْلُبِ الْأَمْرَ لِنَفْسِهِ فِي خِلَافَةِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ، وَإِنَّمَا طَلَبُهُ لَمَّا قُتِلَ عُثْمَانُ وَبُويِعَ ; وَحِينَئِذٍ فَأَكْثَرُ النَّاسِ كَانُوا مَعَهُ، لَمْ يَكُنْ مَعَهُ الْأَقَلُّونَ.
وَقَدِ اتَّفَقَ [أَهْلُ] (¬6) السُّنَّةِ وَالشِّيعَةِ عَلَى أَنَّ عَلِيًّا لَمْ يَدْعُ إِلَى مُبَايَعَتِهِ فِي خِلَافَةِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ، وَلَا بَايَعَهُ عَلَى ذَلِكَ أَحَدٌ. وَلَكِنَّ الرَّافِضَةَ تَدَّعِي أَنَّهُ كَانَ يُرِيدُ ذَلِكَ، وَتَعْتَقِدُ أَنَّهُ الْإِمَامُ الْمُسْتَحِقُّ لِلْإِمَامَةِ دُونَ غَيْرِهِ،
¬_________
(¬1) ن، م: فِي، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.
(¬2) ن، م: وَالِاعْتِمَادُ الْإِنْصَافُ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.
(¬3) مَقَرَّهُ: كَذَا فِي النُّسْخَتَيْنِ وَفِي " مِنْهَاجِ الْكَرَامَةِ " (انْظُرْ مُقَدِّمَةَ الْجُزْءِ الْأَوَّلِ مِنَ الطَّبْعَةِ الْأُولَى لِهَذَا الْكِتَابِ) ، وَوَرَدَتْ مِنْ قَبْلُ 2/10: مُسْتَقَرَّهُ.
(¬4) كَانَ: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) .
(¬5) رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: زِيَادَةٌ فِي (أ) ، (ب) .
(¬6) أَهْلُ: زِيَادَةٌ فِي (ب) .
الصفحة 88