كتاب منهاج السنة النبوية (اسم الجزء: 3)

فَمَا ذَكَرَهُ لَا يَلْزَمُ جُمْهُورَ أَهْلِ السُّنَّةِ، وَقَدْ قُلْنَا غَيْرَ مَرَّةٍ: نَحْنُ لَا نُنْكِرُ أَنْ يَكُونَ فِي بَعْضِ أَهْلِ السُّنَّةِ مَنْ يَقُولُ الْخَطَأَ، لَكِنْ لَا يَتَّفِقُونَ عَلَى خَطَأٍ، كَمَا تَتَّفِقُ الْإِمَامِيَّةُ عَلَى خَطَأٍ، بَلْ كُلُّ مَسْأَلَةٍ خَالَفَتْ فِيهَا الْإِمَامِيَّةُ أَهْلَ (¬1) السُّنَّةِ فَالصَّوَابُ فِيهَا مَعَ أَهْلِ السُّنَّةِ. وَأَمَّا مَا تَنَازَعَ فِيهِ أَهْلُ السُّنَّةِ وَتَنَازَعَتْ فِيهِ الْإِمَامِيَّةُ، فَذَاكَ لَا اخْتِصَاصَ لَهُ بِأَهْلِ السُّنَّةِ وَلَا بِالْإِمَامِيَّةِ.
وَبِالْجُمْلَةِ فَجُمْهُورُ أَهْلِ السُّنَّةِ مِنَ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ يَقُولُونَ: إِنَّ الْعَبْدَ لَهُ قُدْرَةٌ وَإِرَادَةٌ وَفِعْلٌ، وَهُوَ فَاعِلٌ حَقِيقَةً، وَاللَّهُ خَالِقُ ذَلِكَ كُلِّهِ كَمَا هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ، كَمَا دَلَّ عَلَى ذَلِكَ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ.
قَالَ تَعَالَى عَنْ إِبْرَاهِيمَ: {رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ} [سُورَةُ الْبَقَرَةِ: 128] ، وَقَالَ [تَعَالَى عَنْ إِبْرَاهِيمَ] (¬2) : {رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي} [سُورَةُ إِبْرَاهِيمَ: 40] ، وَقَالَ [تَعَالَى] (¬3) : {وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا} [سُورَةُ السَّجْدَةِ: 24] (¬4) وَقَالَ [تَعَالَى] (¬5) : {وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ} [سُورَةُ الْأَنْبِيَاءِ: 73] وَقَالَ: {إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا - إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا - وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا} [سُورَةُ الْمَعَارِجِ: 19، 21] فَأَخْبَرَ أَنَّ اللَّهَ يَجْعَلُ الْمُسْلِمَ مُسْلِمًا، وَالْمُقِيمَ لِلصَّلَاةِ مُقِيمَ الصَّلَاةِ، وَالْإِمَامَ الْهَادِي إِمَامًا هَادِيًا.
¬_________
(¬1) ع، ن: لِأَهْلِ.
(¬2) تَعَالَى عَنْ إِبْرَاهِيمَ: زِيَادَةٌ فِي (أ) ، (ب) .
(¬3) تَعَالَى: زِيَادَةٌ فِي (أ) ، (ب) .
(¬4) سَقَطَتْ آيَةُ 24 مِنْ سُورَةِ السَّجْدَةِ مِنْ (ن) ، (م) .
(¬5) تَعَالَى زِيَادَةٌ فِي (أ) ، (ب) .

الصفحة 110