كتاب منهاج السنة النبوية (اسم الجزء: 3)

وَالْعَاجِزُ، وَإِنْ أَثْبَتَ قُدْرَةً وَقَالَ إِنَّهَا مُقْتَرِنَةٌ بِالْكَسْبِ، قِيلَ لَهُ (¬1) : لَمْ تُثْبِتْ فَرْقًا مَعْقُولًا بَيْنَ مَا تُثْبِتُهُ مِنَ الْكَسْبِ وَتَنْفِيهِ مِنَ الْفِعْلِ (¬2) ، وَلَا بَيْنَ الْقَادِرِ وَالْعَاجِزِ، إِذَا كَانَ مُجَرَّدُ الِاقْتِرَانِ لَا اخْتِصَاصَ لَهُ بِالْقُدْرَةِ، فَإِنَّ [فِعْلَ] (¬3) الْعَبْدِ يُقَارِنُ حَيَاتَهُ وَعِلْمَهُ (¬4) وَإِرَادَتَهُ وَغَيْرَ ذَلِكَ مِنْ صِفَاتِهِ، فَإِذَا لَمْ يَكُنْ لِلْقُدْرَةِ تَأْثِيرٌ إِلَّا مُجَرَّدَ الِاقْتِرَانِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْقُدْرَةِ وَغَيْرِهَا.
وَكَذَلِكَ [قَوْلُ] (¬5) مَنْ قَالَ: إِنَّ (¬6) الْقُدْرَةَ مُؤَثِّرَةٌ فِي صِفَةِ الْفِعْلِ لَا فِي أَصْلِهِ، كَمَا يَقُولُ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ وَمَنْ وَافَقَهُ، فَإِنَّهُ إِنْ أَثْبَتَ تَأْثِيرًا بِدُونِ خَلْقِ الرَّبِّ، لَزِمَ (¬7) أَنْ يَكُونَ بَعْضُ الْحَوَادِثِ لَمْ يَخْلُقْهُ اللَّهُ [تَعَالَى] (¬8) ، وَإِنْ جَعَلَ ذَلِكَ مُعَلَّقًا بِخَلْقِ الرَّبِّ، فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْأَصْلِ وَالصِّفَةِ.
وَأَمَّا أَئِمَّةُ أَهْلِ (¬9) السُّنَّةِ وَجُمْهُورِهِمْ فَيَقُولُونَ بِمَا دَلَّ عَلَيْهِ الشَّرْعُ وَالْعَقْلُ.
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَنْزَلْنَا بِهِ الْمَاءَ فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ} [سُورَةُ الْأَعْرَافِ: 57] (¬10) ، وَقَالَ: {وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا} [سُورَةُ الْبَقَرَةِ: 164] ، وَقَالَ:
¬_________
(¬1) لَهُ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ع) .
(¬2) ع، ن، م: بَيْنَ مَا أَثْبَتَّهُ مِنَ الْكَسْبِ وَنَفَيْتَهُ مِنَ الْفِعْلِ.
(¬3) فِعْلَ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(¬4) ع: وَعَمَلَهُ.
(¬5) قَوْلُ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) ، (ع) .
(¬6) إِنَّ: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) .
(¬7) ب (فَقَطْ) : فَإِنَّهُ أَثْبَتَ تَأْثِيرًا بِدُونِ خَلْقِ الرَّبِّ فَلَزِمَ. . . إِلَخْ.
(¬8) ع (فَقَطْ) : لَزِمَ أَنْ لَا يَكُونَ بَعْضُ الْحَوَادِثِ لَمْ يَخْلُقْهُ اللَّهُ تَعَالَى، وَهُوَ تَحْرِيفٌ، وَسَقَطَتْ تَعَالَى مِنْ (ن) .
(¬9) أَهْلِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) .
(¬10) فِي جَمِيعِ النُّسَخِ جَاءَتِ الْآيَةُ مُحَرَّفَةً هَكَذَا: فَسُقْنَاهُ إِلَى بَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَنْزَلْنَا. . . إِلَخْ.

الصفحة 113