كتاب منهاج السنة النبوية (اسم الجزء: 3)

{يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ} [سُورَةُ الْمَائِدَةِ: 16] ، وَقَالَ: {يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا} [سُورَةُ الْبَقَرَةِ: 26] وَمِثْلُ هَذَا كَثِيرٌ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ يُخْبِرُ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهُ يَحْدُثُ (¬1) الْحَوَادِثَ بِالْأَسْبَابِ.
وَكَذَلِكَ [دَلَّ] الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ عَلَى إِثْبَاتِ الْقُوَى وَالطَّبَائِعِ (¬2) الَّتِي جَعَلَهَا اللَّهُ فِي الْحَيَوَانِ وَغَيْرِهِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [سُورَةُ التَّغَابُنِ: 16] ، وَقَالَ: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً} [سُورَةُ فُصِّلَتْ: 15] ، وَقَالَ: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ} [سُورَةُ الرُّومِ: 54] .
وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «لِأَشَجِّ عَبْدِ الْقَيْسِ: " إِنَّ فِيكَ لَخَصْلَتَيْنِ (¬3) يُحِبُّهُمَا اللَّهُ: الْحِلْمُ وَالْأَنَاةُ " فَقَالَ: أَخُلُقَيْنِ تَخَلَّقْتُ بِهِمَا (¬4) أَمْ خُلُقَيْنِ جُبِلْتُ عَلَيْهِمَا؟ فَقَالَ: " بَلْ خُلُقَيْنِ جُبِلْتَ عَلَيْهِمَا " فَقَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي جَبَلَنِي عَلَى خُلُقَيْنِ يُحِبُّهُمَا اللَّهُ» (¬5) . وَمِثْلُ هَذَا كَثِيرٌ لَيْسَ هَذَا مَوْضِعُ بَسْطِهِ.
وَهَؤُلَاءِ يُثْبِتُونَ لِلْعَبْدِ قُدْرَةً (¬6) وَيَقُولُونَ: إِنَّ تَأْثِيرَهَا فِي مَقْدُورِهَا كَتَأْثِيرِ
¬_________
(¬1) ن، م: أَحْدَثُ.
(¬2) ن، م: وَكَذَلِكَ دَلَّ (سَقَطَتْ دَلَّ مِنْ (ن)) الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ عَلَى مِثْلِ إِثْبَاتِ الْقُوَى وَالطَّبَائِعِ.
(¬3) أ، ب: خَصْلَتَيْنِ.
(¬4) ع: فِيهِمَا، م: بِهَذَا.
(¬5) سَبَقَ الْكَلَامُ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ فِي هَذَا الْجُزْءِ ص 36 وَجَاءَ فِيهِ هُنَاكَ: إِنَّ فِيكَ لَخُلُقَيْنِ. . . إِلَخْ.
(¬6) م فَقَطْ: الْقُدْرَةَ.

الصفحة 114