كتاب منهاج السنة النبوية (اسم الجزء: 3)

يَفْعَلُ وَحَالُهُ حِينَ الْفِعْلِ سَوَاءً لَا مَزِيَّةَ (¬1) لِأَحَدِ الْحَالَيْنِ عَلَى الْآخَرِ (¬2) ، وَكَانَ تَخْصِيصُ هَذِهِ الْحَالِ بِكَوْنِهِ فَاعِلًا فِيهَا دُونَ الْأُخْرَى تَرْجِيحًا لِأَحَدِ الْمُتَمَاثِلَيْنِ (¬3) بِدُونِ (¬4) مُرَجِّحٍ.
وَهَكَذَا إِذَا قِيلَ: فِعْلُهُ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ وَأَنْ لَا يَكُونَ، وَالْمُمْكِنُ لَا يَتَرَجَّحُ وَجُودُهُ عَلَى عَدَمِهِ إِلَّا بِمُرَجِّحٍ تَامٍّ، وَالْمُرَجِّحُ إِذَا (¬5) . كَانَ مِنَ الْعَبْدِ فَالْقَوْلُ فِيهِ كَالْقَوْلِ فِي الْفِعْلِ، فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْمُرَجِّحُ التَّامُّ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى، وَأَنْ يَسْتَلْزِمَ وُجُودُهُ وُجُودَ الْفِعْلِ، وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ تَامًّا.

وَلِأَجْلِ هَذَا اتَّفَقَ أَهْلُ السُّنَّةِ الْمُثْبِتُونَ لِلْقَدَرِ عَلَى أَنَّ اللَّهَ خَصَّ الْمُؤْمِنِينَ بِنِعْمَةٍ دُونَ الْكَافِرِينَ (¬6) بِأَنْ هَدَاهُمْ لِلْإِيمَانِ، وَلَوْ كَانَتْ نِعْمَتُهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ مِثْلَ نِعْمَتِهِ عَلَى الْكَافِرِينَ لَمْ يَكُنِ الْمُؤْمِنُ مُؤْمِنًا.
كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ} [سُورَةُ الْحُجُرَاتِ: 7] ، وَقَالَ تَعَالَى: {يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لَا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} [سُورَةُ الْحُجُرَاتِ: 17] ، وَقَالَ تَعَالَى: {فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [سُورَةُ الْبَقَرَةِ: 212] ، وَقَالَ تَعَالَى:
¬_________
(¬1) ن: وَلَا مَزِيَّةَ، م: أَوْ لَا مَزِيَّةَ.
(¬2) ن، م: عَلَى الْأُخْرَى.
(¬3) ن، م: الْمِثْلَيْنِ.
(¬4) م: بِلَا.
(¬5) ن، م، ع: إِنْ
(¬6) ن، م، ع: الْكُفَّارِ.

الصفحة 118