كتاب منهاج السنة النبوية (اسم الجزء: 3)
شُكْرُ الْأَوَّلِ وَذَمُّ الثَّانِي، لِأَنَّ الْفِعْلَيْنِ صَادِرَانِ مِنَ اللَّهِ [تَعَالَى] عِنْدَهُمْ (¬1) ".
فَيُقَالُ: هَذَا بَاطِلٌ، فَإِنَّ اشْتِرَاكَ الْفِعْلَيْنِ فِي كَوْنِ الرَّبِّ خَلَقَهُمَا لَا يَسْتَلْزِمُ اشْتِرَاكَهُمَا فِي سَائِرِ الْأَحْكَامِ، فَإِنَّهُ مِنَ الْمَعْلُومِ بِصَرِيحِ الْعَقْلِ (¬2) أَنَّ الْأُمُورَ الْمُخْتَلِفَةَ تَشْتَرِكُ فِي أُمُورٍ كَثِيرَةٍ (¬3) لَا سِيَّمَا فِي مِثْلِ هَذَا الْمَقَامِ، فَإِنَّ جَمِيعَ مَا سِوَى اللَّهِ مُشْتَرِكٌ (¬4) فِي أَنَّ اللَّهَ خَلَقَهُ، وَأَنَّهُ رَبُّهُ وَمَلِيكُهُ.
ثُمَّ مِنَ الْمَعْلُومِ (¬5) أَنَّ الْمَخْلُوقَاتِ بَيْنَهَا مِنَ الِافْتِرَاقِ مَا لَا يُحْصِيهِ إِلَّا الْخَلَّاقُ، فَاللَّهُ تَعَالَى جَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ، [وَقَالَ] (¬6) : {وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ - وَلَا الظُّلُمَاتُ وَلَا النُّورُ} [سُورَةُ فَاطِرٍ: 19، 20] وَاللَّهُ خَالِقُ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ، وَلَا تَسْتَوِي الْجَنَّةُ وَ [لَا] النَّارُ (¬7) ، (8 وَاللَّهُ خَالِقُ الظِّلِّ وَالْحَرُورِ، وَلَا يَسْتَوِي الظِّلُّ وَلَا الْحَرُورُ (8 - 8) (¬8) 8) ، وَاللَّهُ خَالِقُ الْأَعْمَى وَالْبَصِيرِ وَلَا يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ، وَاللَّهُ خَالِقُ الْحَيِّ وَالْمَيِّتِ، وَالْقَادِرِ وَالْعَاجِزِ، وَالْعَالِمِ وَالْجَاهِلِ، وَلَا يَسْتَوِي هَذَا وَهَذَا، وَاللَّهُ خَالِقُ مَا يَنْفَعُ وَمَا يَضُرُّ، وَمَا يُوجِبُ اللَّذَّةَ وَمَا يُوجِبُ الْأَلَمَ، وَلَا يَسْتَوِي هَذَا وَهَذَا، فَإِذَا كَانَ اللَّهُ خَالِقُ الْأَطْعِمَةِ
¬_________
(¬1) أ، ب: صَادِرَانِ مِنَ اللَّهِ، م: صَادِرَانِ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى، ك: صَادِرَانِ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى لَا مِنْهُمَا عِنْدَهُمْ.
(¬2) ن: تَصْرِيحِ الْمَعْقُولِ ; م: بِصَرِيحِ (غَيْرُ مَنْقُوطَةٍ) الْمَعْقُولِ.
(¬3) أ، ب: يَشْتَرِكُ فِيهَا أُمُورٌ كَثِيرَةٌ.
(¬4) ن، م: يَشْتَرِكُ.
(¬5) ع: وَمِنَ الْمَعْلُومِ، م: ثُمَّ إِنَّ مِنَ الْمَعْلُومِ.
(¬6) وَقَالَ: زِيَادَةٌ فِي (أ) ، (ب) .
(¬7) أ، ب، م، ن: الْجَنَّةُ وَالنَّارُ.
(¬8) سَاقِطٌ مِنْ (م) .
الصفحة 130