كتاب منهاج السنة النبوية (اسم الجزء: 3)

الطَّيِّبَةِ وَالْخَبِيثَةِ، ثُمَّ إِنَّ الطَّيِّبَ يُحَبُّ وَيُشْتَهَى، وَيُمْدَحُ وَيُبْتَغَى، وَالْخَبِيثُ يُذَمُّ وَيُبْغَضُ (¬1) وَيُجْتَنَبُ، وَاللَّهُ خَالِقُ هَذَا وَهَذَا، وَاللَّهُ خَالِقُ الْمَلَائِكَةِ وَالْأَنْبِيَاءِ (¬2) ، وَخَالِقُ [الشَّيَاطِينِ وَ] الْحَيَّاتِ وَالْعَقَارِبِ وَغَيْرِهَا (¬3) مِنَ الْفَوَاسِقِ، فَهَذَا (¬4) مَحْمُودٌ مُعْظَمٌ، وَهَذَا فَاسِقٌ يُقْتَلُ فِي الْحِلِّ وَالْحَرَمِ، وَهُوَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى خَالِقٌ (¬5) فِي هَذَا طَبِيعَةً كَرِيمَةً تَقْتَضِي الْخَيْرَ وَالْإِحْسَانَ، وَفِي هَذَا طَبِيعَةً خَبِيثَةً تُوجِبُ الشَّرَّ وَالْعُدْوَانَ، مَعَ مَا بَيْنَهُمَا مِنَ الْفَرْقِ فِي الْحُبِّ وَالْبُغْضِ، وَالْمَدْحِ وَالذَّمِّ وَنَحْوِ ذَلِكَ (¬6) .
وَإِذَا (¬7) كَانَ الشَّرْعُ وَالْعَقْلُ مُتَطَابِقَيْنِ عَلَى أَنَّ مَا جَعَلَ اللَّهُ فِيهِ مَنْفَعَةً لِلنَّاسِ وَمَصْلَحَةً لَهُمْ يُحَبُّ وَيُمْدَحُ [وَيُطْلَبُ] (¬8) ، وَإِنْ كَانَ جَمَادًا أَوْ حَيَوَانًا بَهِيمِيًّا (¬9) ، فَكَيْفَ لَا يَكُونُ مَنْ جَعَلَهُ مُحْسِنًا لِلنَّاسِ يُحَصِّلُ لَهُمْ بِهِ مَنَافِعَ وَمَصَالِحَ أَحَقَّ بِأَنْ يُحَبَّ وَيُمْدَحَ وَيُثْنَى عَلَيْهِ، وَكَذَلِكَ فِي جَانِبِ الشَّرِّ.
وَالْقَدَرِيُّ يَقُولُ: لَا يَكُونُ الْعَبْدُ مَحْمُودًا وَمَشْكُورًا عَلَى إِحْسَانِهِ، وَمَذْمُومًا عَلَى إِسَاءَتِهِ، إِلَّا بِشَرْطِ أَنْ لَا يَكُونَ اللَّهُ جَعَلَهُ مُحْسِنًا إِلَيْنَا وَلَا مَنَّ بِهِ عَلَيْنَا إِذَا فَعَلَ الْخَيْرَ، وَلَا ابْتَلَانَا بِهِ إِذَا فَعَلَ الشَّرَّ، وَهَذَا حَقِيقَةُ مَا قَالَهُ هَذَا الرَّافِضِيُّ الْقَدَرِيُّ (¬10) .
¬_________
(¬1) ن، م: يُبْغَضُ وَيُذَمُّ.
(¬2) ن، م: الْأَنْبِيَاءِ وَالْمَلَائِكَةِ.
(¬3) ن، م: وَخَالِقُ الْحَيَّاتِ وَالْعَقَارِبِ وَغَيْرِهَا.
(¬4) ن، م، ع: وَهَذَا.
(¬5) ع: وَهُوَ سُبْحَانَهُ خَلَقَ، ن، م: وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ خَالِقٌ.
(¬6) وَنَحْوِ ذَلِكَ: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) .
(¬7) أ، ب: فَإِذَا.
(¬8) وَيُطْلَبُ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(¬9) ع: وَإِنْ كَانَ حَيَوَانًا بَهِيمًا أ، ب: وَإِنْ كَانَ حِمَارًا أَوْ حَيَوَانًا بَهِيمًا.
(¬10) ن، م: الْقَدَرِيُّ الرَّافِضِيُّ.

الصفحة 131