كتاب منهاج السنة النبوية (اسم الجزء: 3)

وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ} [سُورَةُ الطُّورِ: 35] فَالْمَشْهُورُ: أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ رَبٍّ؟ وَقِيلَ أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ عُنْصُرٍ؟
وَكَذَلِكَ قَالَ مُوسَى (¬1) . لَمَّا قَتَلَ الْقِبْطِيَّ: {هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ} [سُورَةُ الْقَصَصِ: 15] .
وَقَالَ تَعَالَى: {مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ} [سُورَةُ النِّسَاءِ: 79] مَعَ قَوْلِهِ فِيمَا تَقَدَّمَ: {قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ} [سُورَةُ النِّسَاءِ: 78] . فَالْحَسَنَاتُ وَالسَّيِّئَاتُ الْمُرَادُ بِهَا هُنَا (¬2) النِّعَمُ وَالْمَصَائِبُ ; وَلِهَذَا قَالَ: مَا أَصَابَكَ، وَلَمْ يَقُلْ: مَا أَصَبْتَ.
كَمَا فِي قَوْلِهِ: {إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا} [سُورَةُ آلِ عِمْرَانَ: 120] ، وَقَوْلِهِ: {إِنْ تُصِبْكَ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكَ مُصِيبَةٌ يَقُولُوا قَدْ أَخَذْنَا أَمْرَنَا مِنْ قَبْلُ وَيَتَوَلَّوْا وَهُمْ فَرِحُونَ} [سُورَةُ التَّوْبَةِ: 50] فَبَيَّنَ أَنَّ النِّعَمَ وَالْمَصَائِبَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ، فَالنِّعْمَةُ مِنَ اللَّهِ ابْتِدَاءً وَالْمُصِيبَةُ بِسَبَبٍ مِنْ نَفْسِ الْإِنْسَانِ، وَهِيَ مَعَاصِيهِ (¬3) .
كَمَا قَالَ فِي الْآيَةِ الْأُخْرَى: {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ} [سُورَةُ الشُّورَى: 30] ، وَقَالَ فِي الْآيَةِ] (¬4) الْأُخْرَى: (¬5)
¬_________
(¬1) ن، م: لَمَّا قَالَ مُوسَى
(¬2) ن، م، ع: وَالْحَسَنَاتُ وَالسَّيِّئَاتُ هُنَا الْمُرَادُ بِهَا.
(¬3) أ، ب: وَهِيَ مُعَاقَبَةٌ وَهُوَ تَصْحِيفٌ.
(¬4) مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) ، (أ) ، (ب) .
(¬5) الْأُخْرَى: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) .

الصفحة 147