كتاب منهاج السنة النبوية (اسم الجزء: 3)

{أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ} [سُورَةُ آلِ عِمْرَانَ: 165] ، وَهَذَا لِأَنَّ اللَّهَ مُحْسِنٌ عَدْلٌ، كُلُّ نِعْمَةٍ مِنْهُ فَضْلٌ وَكُلُّ نِقْمَةٍ مِنْهُ عَدْلٌ، فَهُوَ مُحْسِنٌ إِلَى الْعَبْدِ بِلَا سَبَبٍ مِنْهُ تَفَضُّلًا وَإِحْسَانًا، وَلَا يُعَاقِبُهُ إِلَّا بِذَنْبِهِ، وَإِنْ كَانَ قَدْ خَلَقَ الْأَفْعَالَ كُلَّهَا لِحِكْمَةٍ لَهُ فِي ذَلِكَ، فَإِنَّهُ حَكِيمٌ عَادِلٌ يَضَعُ الْأَشْيَاءَ مَوَاضِعَهَا، وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا.
وَإِذَا كَانَ غَيْرُ اللَّهِ يُعَاقِبُ عَبْدَهُ (¬1) عَلَى ظُلْمِهِ وَإِنْ كَانَ (¬2) مُقِرًّا بِأَنَّ اللَّهَ خَالِقُ أَفْعَالِ الْعِبَادِ، وَلَيْسَ ذَلِكَ ظُلْمًا مِنْهُ، فَاللَّهُ أَوْلَى أَنْ لَا يَكُونَ ذَلِكَ ظُلْمًا مِنْهُ، وَإِذَا كَانَ الْإِنْسَانُ قَدْ (¬3) يَفْعَلُ مَصْلَحَةً اقْتَضَتْهَا حِكْمَتُهُ، لَا تَحْصُلُ إِلَّا بِتَعْذِيبِ حَيَوَانٍ، وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ ظُلْمًا مِنْهُ (¬4) ، فَاللَّهُ أَوْلَى أَنْ لَا يَكُونَ ذَلِكَ ظُلْمًا مِنْهُ.

الْوَجْهُ الثَّانِي: أَنْ يُقَالَ: هِيَ مِنَ اللَّهِ خَلْقًا لَهَا (¬5) فِي غَيْرِهِ وَجَعْلًا لَهَا عَمَلًا لِغَيْرِهِ، وَهِيَ مِنَ الْعَبْدِ فِعْلًا [لَهُ] قَائِمًا بِهِ وَكَسْبًا يَجُرُّ بِهِ مَنْفَعَةً إِلَيْهِ (¬6) أَوْ يَدْفَعُ بِهِ مَضَرَّةً، وَكَوْنُ الْعَبْدِ هُوَ الَّذِي قَامَ بِهِ الْفِعْلُ، وَإِلَيْهِ يَعُودُ حُكْمُهُ الْخَاصُّ انْتِفَاعًا بِهِ أَوْ تَضَرُّرًا (¬7) ، جِهَةً لَا تَصْلُحُ لِلَّهِ، فَإِنَّ اللَّهَ لَا تَقُومُ
¬_________
(¬1) ع، ن، م: الْعَبْدَ.
(¬2) ن، م: فَإِنْ كَانَ.
(¬3) ن، م: وَإِنْ كَانَ الْإِنْسَانُ قَدْ، أ، ب: وَإِذَا كَانَ الْإِنْسَانُ، وَسَقَطَتْ قَدْ.
(¬4) مِنْهُ: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) ، (م) .
(¬5) ن، م: خَلْقُهُ لَهَا.
(¬6) ع: وَهِيَ مِنَ الْعَبْدِ فِعْلًا قَامَ بِهِ وَكَسْبًا يَجُرُّ إِلَيْهِ بَعْدُ مَنْفَعَةً، ن، م: وَهِيَ مِنَ الْعَبْدِ فِعْلًا قَامَ بِهِ وَكَسْبًا يَجُرُّ بِهِ إِلَيْهِ مَنْفَعَةً.
(¬7) ن، م: مِنِ انْتِفَاعٍ بِهِ أَوْ تَضَرُّرٍ.

الصفحة 148