كتاب منهاج السنة النبوية (اسم الجزء: 3)

أَنْ تَفْعَلَهُ وَلَا يُرِيدُهُ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ، وَالنَّبِيُّ يَأْمُرُهُ بِالْإِيمَانِ الَّذِي يُحِبُّهُ اللَّهُ وَيَرْضَاهُ لَهُ (¬1) وَيُرِيدُهُ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ.

الْوَجْهُ الرَّابِعُ: أَنَّ يُقَالَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ (¬2) مَبْنِيَّةٌ عَلَى أَصْلٍ: وَهُوَ (¬3) أَنَّ الْحُبَّ وَالرِّضَا هَلْ هُوَ الْإِرَادَةُ أَوْ هُوَ صِفَةٌ مُغَايِرَةٌ لِلْإِرَادَةِ؟ فَكَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ النَّظَرِ مِنَ الْمُعْتَزِلَةِ وَالْأَشْعَرِيَّةِ وَمَنِ اتَّبَعَهُمْ مِنَ الْفُقَهَاءِ مِنْ أَصْحَابِ [الْإِمَامِ] (¬4) أَحْمَدَ وَالشَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِمَا يَجْعَلُونَهُمَا (¬5) جِنْسًا وَاحِدًا. ثُمَّ الْقَدَرِيَّةُ يَقُولُونَ: بَلْ هُوَ لَا يُحِبُّ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ فَلَا يُرِيدُهُ (¬6) ، وَالْمُثْبِتَةُ يَقُولُونَ: بَلْ هُوَ يُرِيدُ ذَلِكَ فَيَكُونُ قَدْ أَحَبَّهُ وَرَضِيَهُ.
وَأُولَئِكَ يَتَأَوَّلُونَ الْآيَاتِ الْمُثْبِتَةَ لِإِرَادَةِ هَذِهِ الْحَوَادِثِ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا} [سُورَةُ الْأَنْعَامِ: 125] ، وَ [قَوْلِهِ] (¬7) : {إِنْ كَانَ اللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ} [سُورَةُ هُودٍ: 34] .
وَهَؤُلَاءِ يَتَأَوَّلُونَ الْآيَاتِ النَّافِيَةَ لِمَحَبَّةِ اللَّهِ وَرِضَاهُ بِهَا (¬8) ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ} [سُورَةُ الْبَقَرَةِ: 205] ، {وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ} [سُورَةُ الزُّمَرِ: 7] ، وَقَوْلِهِ (¬9) : {إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لَا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ} [سُورَةُ النِّسَاءِ: 108] .
¬_________
(¬1) لَهُ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ع) ، (م) .
(¬2) الْمَسْأَلَةُ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ع) .
(¬3) أ، ب، م: هُوَ.
(¬4) الْإِمَامِ: زِيَادَةٌ (أ) ، (ب) .
(¬5) ن، أ، ب: يَجْعَلُونَهَا.
(¬6) ن، م: وَلَا يُرِيدُهُ.
(¬7) قَوْلِهِ: زِيَادَةٌ فِي (أ) ، (ب) .
(¬8) أ، ب: وَرِضَاهُ لَهَا.
(¬9) وَقَوْلِهِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .

الصفحة 158