كتاب منهاج السنة النبوية (اسم الجزء: 3)

لِلْآخَرِ فِي الْمَخْلُوقَاتِ فِي الْمَخْلُوقَاتِ: (¬1) . فَكَيْفَ لَا يُمْكِنُ ثُبُوتُ أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ فِي حَقِّ الْخَالِقِ تَعَالَى؟
وَقَدْ يُقَالُ: كُلُّ هَذِهِ الْأُمُورِ مُرَادَةٌ مَحْبُوبَةٌ (¬2) ، لَكِنَّ فِيهَا مَا يُرَادُ لِنَفْسِهِ، فَهُوَ مُرَادٌ بِالذَّاتِ مَحْبُوبٌ لِلَّهِ (¬3) مَرَضِيٌّ لَهُ، وَفِيهَا (¬4) مَا يُرَادُ لِغَيْرِهِ، وَهُوَ مُرَادٌ بِالْعَرَضِ لِكَوْنِهِ وَسِيلَةً إِلَى الْمُرَادِ الْمَحْبُوبِ لِذَاتِهِ.
فَالْإِنْسَانُ يُرِيدُ الْعَافِيَةَ لِنَفْسِهَا (¬5) وَيُرِيدُ شُرْبَ الدَّوَاءِ لِكَوْنِهِ وَسِيلَةً إِلَيْهَا، وَهُوَ (¬6) يُرِيدُ ذَلِكَ مِنْ هَذِهِ الْجِهَةِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَحْبُوبًا (¬7) فِي نَفْسِهِ، وَإِذَا كَانَ الْمُرَادُ يَنْقَسِمُ إِلَى مُرَادٍ لِنَفْسِهِ وَهُوَ الْمَحْبُوبُ لِنَفْسِهِ، وَإِلَى مُرَادٍ لِغَيْرِهِ لِكَوْنِهِ وَسِيلَةً إِلَى غَيْرِهِ، وَهَذَا قَدْ لَا يُحَبُّ لِنَفْسِهِ، أَمْكَنَ أَنْ يُجْعَلَ الْفَرْقُ بَيْنَ الْمَحَبَّةِ وَالْإِرَادَةِ (¬8) مِنْ هَذَا الْبَابِ.
وَالْإِرَادَةُ نَوْعَانِ: فَمَا كَانَ مَحْبُوبًا فَهُوَ مُرَادٌ لِنَفْسِهِ، وَمَا كَانَ فِي نَفْسِهِ غَيْرَ مَحْبُوبٍ فَهُوَ (¬9) مُرَادٌ لِغَيْرِهِ. وَعَلَى هَذَا تَنْبَنِي مَسْأَلَةُ مَحَبَّةِ الرَّبِّ [عَزَّ وَجَلَّ] (¬10) نَفْسَهُ وَمَحَبَّتِهِ لِعِبَادِهِ، فَإِنَّ الَّذِينَ جَعَلُوا الْمَحَبَّةَ وَالرِّضَا هُوَ
¬_________
(¬1) سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) ، وَفِي (ن) ، (ع) : فِي الْمَخْلُوقِ.
(¬2) مَحْبُوبَةٌ: زِيَادَةٌ فِي (ن) ، (م) .
(¬3) م: لِلرَّبِّ، ن: بِالرَّبِّ.
(¬4) ن، م: وَمِنْهَا.
(¬5) ن، م: لِنَفْسِهِ، أ: بِنَفْسِهَا.
(¬6) ب فَقَطْ: فَهُوَ.
(¬7) ن، م: وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مَحْبُوبَةً.
(¬8) أ، ب، ع: وَالْمَشِيئَةِ.
(¬9) ن، م: فَهَذَا.
(¬10) عَزَّ وَجَلَّ: زِيَادَةٌ فِي (أ) ، (ب) .

الصفحة 164