كتاب منهاج السنة النبوية (اسم الجزء: 3)
وَأَوْلِيَاءَهُ، وَيُحِبُّ مَا أَمَرَ بِهِ، وَلَا يُحِبُّ الشَّيَاطِينَ وَلَا مَا نَهَى عَنْهُ، وَإِنْ [كَانَ] (¬1) كُلُّ ذَلِكَ بِمَشِيئَتِهِ.
وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ وَقَعَ النِّزَاعُ فِيهَا بَيْنَ الْجُنَيْدِ [بْنِ مُحَمَّدٍ] (¬2) وَطَائِفَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَدَعَاهُمْ إِلَى الْفَرْقِ الثَّانِي، وَهُوَ أَنْ يُفَرِّقُوا فِي الْمَخْلُوقَاتِ بَيْنَ مَا يُحِبُّهُ وَمَا لَا يُحِبُّهُ، فَأَشْكَلَ هَذَا عَلَيْهِمْ لِمَا رَأَوْا أَنَّ كُلَّ مَخْلُوقٍ فَهُوَ مَخْلُوقٌ بِمَشِيئَتِهِ، وَلَمْ يَعْرِفُوا أَنَّهُ قَدْ يَكُونُ فِيمَا خَلَقَهُ بِمَشِيئَتِهِ مَا لَا يُحِبُّهُ وَلَا يَرْضَاهُ، وَكَانَ مَا قَالَهُ الْجُنَيْدُ وَأَمْثَالُهُ (¬3) هُوَ الصَّوَابُ.
الْوَجْهُ الْخَامِسُ: أَنْ يُقَالَ: الْإِرَادَةُ نَوْعَانِ: أَحَدُهُمَا [بِمَعْنَى الْمَشِيئَةِ وَهُوَ] (¬4) أَنْ يُرِيدَ الْفَاعِلُ أَنْ يَفْعَلَ فِعْلًا، فَهَذِهِ الْإِرَادَةُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِفِعْلِهِ. وَالثَّانِي: أَنْ يُرِيدَ مِنْ غَيْرِهِ أَنْ يَفْعَلَ فِعْلًا (¬5) فَهَذِهِ إِرَادَةٌ (¬6) لِفِعْلِ الْغَيْرِ.
وَكِلَا النَّوْعَيْنِ مَعْقُولٌ (¬7) فِي النَّاسِ، لَكِنَّ الَّذِينَ قَالُوا: [إِنَّ] (¬8) الْأَمْرَ لَا (¬9) يَتَضَمَّنُ الْإِرَادَةَ، لَمْ يُثْبِتُوا إِلَّا النَّوْعَ (¬10) الْأَوَّلَ مِنَ الْإِرَادَةِ، وَالَّذِينَ
¬_________
(¬1) كَانَ سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(¬2) بْنِ مُحَمَّدٍ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(¬3) ن، م: وَأَصْحَابُهُ.
(¬4) مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(¬5) فِعْلًا: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) .
(¬6) أ، ب: فَهَذَا الْإِرَادَةُ، ن، م: وَهَذِهِ إِرَادَةٌ.
(¬7) أ، ب: مَفْعُولٌ.
(¬8) إِنَّ: زِيَادَةٌ فِي (أ) ، (ب) .
(¬9) لَا: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) .
(¬10) ن، م: الْأَنْوَاعَ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.
الصفحة 168