كتاب منهاج السنة النبوية (اسم الجزء: 3)
وَإِذَا أَمْكَنَ الْفَرْقُ فِي حَقِّ الْمَخْلُوقِينَ فَهُوَ فِي حَقِّ اللَّهِ أَوْلَى بِالْإِمْكَانِ. فَهُوَ (¬1) سُبْحَانَهُ أَمَرَ الْخَلْقَ عَلَى أَلْسُنِ رُسُلِهِ بِمَا يَنْفَعُهُمْ، وَنَهَاهُمْ عَمَّا يَضُرُّهُمْ، وَلَكِنْ (¬2) مِنْهُمْ مَنْ أَرَادَ أَنْ يَخْلُقَ فِعْلَهُ، فَأَرَادَ هُوَ سُبْحَانَهُ أَنْ يَخْلُقَ ذَلِكَ الْفِعْلَ وَيَجْعَلَهُ فَاعِلًا لَهُ.
وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ يُرِدْ أَنْ يَخْلُقَ فِعْلَهُ. فَجِهَةُ خَلْقِهِ سُبْحَانَهُ لِأَفْعَالِ الْعِبَادِ وَغَيْرِهَا مِنَ الْمَخْلُوقَاتِ - غَيْرُ جِهَةِ أَمْرِهِ لِلْعَبْدِ عَلَى وَجْهِ الْبَيَانِ لِمَا هُوَ (¬3) مَصْلَحَةٌ لِلْعَبْدِ أَوْ مَفْسَدَةٌ.
وَهُوَ سُبْحَانَهُ إِذَا أَمَرَ فِرْعَوْنَ وَأَبَا لَهَبٍ وَغَيْرِهِمَا بِالْإِيمَانِ، كَانَ قَدْ بَيَّنَ (¬4) لَهُمْ مَا يَنْفَعُهُمْ وَيُصْلِحُهُمْ (¬5) إِذَا فَعَلُوهُ وَلَا يَلْزَمُ (¬6) إِذَا أَمَرَهُمْ أَنْ يُعِينَهُمْ، بَلْ قَدْ يَكُونُ فِي خَلْقِهِ لَهُمْ ذَلِكَ الْفِعْلَ وَإِعَانَتِهِمْ عَلَيْهِ وَجْهُ مَفْسَدَةٍ، مِنْ حَيْثُ هُوَ فِعْلٌ لَهُ، فَإِنَّهُ يَخْلُقُ مَا يَخْلُقُ لِحِكْمَةٍ لَهُ (¬7) ، وَلَا يَلْزَمُ (¬8) إِذَا كَانَ الْفِعْلُ الْمَأْمُورُ بِهِ مَصْلَحَةً لِلْمَأْمُورِ إِذَا فَعَلَهُ، أَنْ يَكُونَ مَصْلَحَةً لِلْآمِرِ إِذَا فَعَلَهُ [هُوَ] (¬9) ، أَوْ جَعَلَ الْمَأْمُورَ فَاعِلًا لَهُ (¬10) ، فَأَيْنَ جِهَةُ الْخَلْقِ مِنْ جِهَةِ الْأَمْرِ؟
¬_________
(¬1) ن، م: وَهُوَ.
(¬2) ن: وَلْيَكُنْ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.
(¬3) أ: عَلَى وَجْهِ الْبَيَانِ الظَّاهِرِ، ب: وَعَلَى وَجْهِ بَيَانٍ ظَاهِرٍ، وَهُوَ تَصْحِيفٌ.
(¬4) أ، ب، ن: تَبَيَّنَ.
(¬5) ن: مَا يُصْلِحُهُمْ وَيَنْفَعُهُمْ.
(¬6) ب فَقَطْ: وَلَا يَلْزَمُهُ.
(¬7) لَهُ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ب) فَقَطْ.
(¬8) ن، م: فَلَا يَلْزَمُ.
(¬9) هُوَ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(¬10) لَهُ: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) ، (ع) .
الصفحة 170