كتاب منهاج السنة النبوية (اسم الجزء: 3)
وَأَمَّا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُثْبِتِينَ لِلْقَدَرِ فَظَنُّوا أَنَّ الْإِرَادَةَ نَوْعٌ وَاحِدٌ، [وَأَنَّهَا (¬1) هِيَ الْمَشِيئَةُ] (¬2) فَقَالُوا: يَأْمُرُ بِمَا لَا يُرِيدُهُ (¬3) .
ثُمَّ هَؤُلَاءِ عَلَى قِسْمَيْنِ: فَقِسْمٌ قَالُوا: يَأْمُرُ بِمَا يُحِبُّهُ وَيَرْضَاهُ وَإِنْ لَمْ يُرِدْهُ، أَيْ لَمْ يَشَأْ وُجُودَهُ، وَهَذَا مَذْهَبُ جُمْهُورِ الْقَائِلِينَ بِهَذَا الْقَوْلِ مِنَ الْفُقَهَاءِ وَغَيْرِهِمْ.
وَقِسْمٌ قَالُوا: بَلِ الْمَحَبَّةُ وَالرِّضَا هِيَ الْإِرَادَةُ وَهِيَ الْمَشِيئَةُ، فَهُوَ يَأْمُرُ بِمَا لَمْ يُرِدْهُ وَلَمْ يُحِبَّهُ وَلَمْ يَرْضَهُ، وَمَا وَقَعَ مِنَ الْكُفْرِ وَالْفُسُوقِ عِنْدَ (¬4) هَؤُلَاءِ أَحَبَّهُ وَرَضِيَهُ (¬5) ، كَمَا أَرَادَهُ وَشَاءَهُ، وَلَكِنْ يَقُولُونَ (¬6) : لَا يُحِبُّهُ وَلَا يَرْضَاهُ دِينًا، كَمَا لَا يُرِيدُهُ دِينًا [وَلَا يَشَاؤُهُ دِينًا] (¬7) ، وَلَا يُحِبُّهُ وَلَا يَرْضَاهُ مِمَّنْ لَمْ يَقَعْ مِنْهُ، [كَمَا لَمْ يُرِدْهُ مِمَّنْ لَمْ يَقَعْ مِنْهُ، وَلَمْ يَشَأْهُ مِمَّنْ لَمْ يَقَعْ مِنْهُ] (¬8) وَهَذَا قَوْلُ الْأَشْعَرِيِّ وَأَكْثَرِ أَصْحَابِهِ، وَحَكَاهُ هُوَ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْ أَهْلِ الْإِثْبَاتِ، وَحُكِيَ عَنْهُ كَالْقَوْلِ (¬9) الْأَوَّلِ.
وَأَصْحَابُ هَذَا الْقَوْلِ هُمُ الْقَدَرِيَّةُ (¬10) مِنَ الْمُعْتَزِلَةِ وَالشِّيعَةِ وَغَيْرِهِمْ
¬_________
(¬1) أ، ب: وَإِنَّمَا هُوَ تَصْحِيفٌ.
(¬2) مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(¬3) ن، م: بِمَا لَا يُرِيدُ.
(¬4) ن، م: فَعِنْدَ.
(¬5) أ، ب: يُحِبُّهُ وَيَرْضَاهُ.
(¬6) ن، م: وَلَكِنْ لَا يَقُولُونَ.
(¬7) مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(¬8) مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(¬9) م: مِثْلَ الْقَوْلِ.
(¬10) ن، م: هُمُ الْقَدَرِيَّةُ، وَسَقَطَتْ " هُمْ " مِنْ (أ) ، (ب) .
الصفحة 181